لبيان نطاق حماية حق المؤلف ينبغي تحديد المصنفات المشمولة بالحماية , وكذلك تحديد شخص المؤلف .
ــ المصنفات المشمولة بالحماية :
عرفت المادة الأولى من قانون حماية حقوق المؤلف رقم 12 لعام 2001 المصنف بأنه :
" الوعاء المعرفي الذي يحمل إنتاجاً أدبياً أو علمياً أو فنياً مبتكراً , مهما كان نوعه أو أهميته أو طريقة التعبير فيه أو الغرض من تصنيفه ".
وعلى هذا لا يقتصر معنى المصنف على الكتاب , بل ينصرف إلى كل نتاج ذهني أياً كانت طريقة التعبير عنه , أي سواء كان هذا التعبير بالكتابة أو الرسم أو التصوير أو الصوت أو الحركة .
ويعتبر عنصر الابتكار شرطاً أساسياً لتمتع المصنف بحماية قانونية.
ويقصد بالابتكار هنا أن يتميز الإنتاج الذهني بطابع أصيل يبرز شخصية صاحبه , سواء كان ذلك في جوهر الفكرة المعروضة , أو في مجرد طريقة العرض أو التعبير عن هذه الفكرة.
ومتى توافر عنصر الابتكار في المصنف , اعتبر صاحبه مؤلفاً يتمتع بالحماية القانونية مهما كان نوع هذا المصنف .
وبالتالي فإن المصنف المشمول بالحماية يمكن أن يكون أدبياً أو علمياً أو فنياً, أياً كانت أهميته أو طريقة التعبير عنه وأياً كان الغرض من تصنيفه أو نشره .
والمصنفات الأدبية أو العلمية أو الفنية المشمولة بالحماية لا يمكن حصرها , ولذلك ذكرت المادة الثالثة من قانون حماية حقوق المؤلف أنواع المصنفات المحمية على سبيل المثال لا على سبيل الحصر, حيث نصت هذه المادة على أنه :
" تتمتع جميع المصنفات بالحماية وفق أحكام هذا القانون وتشمل الحماية بصفة خاصة ما يلي:
أ- المصنفات المكتوبة : الكتب والكتيبات والنشرات والمخطوطات والمحاضرات وما شابهها من المواد المكتوبة .
ب- المصنفات الفنية : المسرحية والموسيقية سواءً أكانت مرقمة( منوطة أم لا )مصحوبة بكلمات أم لا والسينمائية والإذاعية والتلفزيونية والغنائية والتوزيع الموسيقي وتصميم الرقصات والتمثيل الإيمائي .
د- مصنفات الفنون التشكيلية والتطبيقية والتصوير الفوتوغرافي.
ج- مصنفات المصورات والخرائط الجغرافية والتصاميم والمخططات المتصلة بالطبوغرافيا أو بفن العمارة أو بالعلوم .
هـ - مصنفات البرمجيات الحاسوبية , بما في ذلك وثائق تصميمها ومجموعات البيانات.وتشمل الحماية عنوان المصنف إلا إذا كان العنوان لفظاً جارياً للدلالة على موضوع المصنف ".
ــ تحديد شخص المؤلف :
عرفت المادة الأولى من قانون حماية حقوق المؤلف رقم 12 لعام 2001 المؤلف بأنه:
" من ينشر المصنف منسوباً إليه , سواء بذكر اسمه على المصنف أم بأية طريقة أخرى , بما في ذلك استعماله اسماً مستعاراً إلا إذا قام الدليل على غير ذلك " .
ولا يقصد بالمؤلف هنا ذلك المعنى الضيق الذي يراد به الكاتب , وإنما يقصد به كل من ينتج إنتاجاً فكرياً أياً كان نوعه .
فالعالم والكاتب والرسام والمصور والملحن والمحاضر , كل من هؤلاء يعتبر مؤلفاً ما دام إنتاجه الفكري ينطوي على قدر معين من الابتكار.
وقد جعل المشرع نشر المصنف منسوباً إلى شخص معين , سواء بذكر اسمه أو بأية طريقة أخرى , قرينة قانونية على اعتباره هو المؤلف.
لكن هذه القرينة القانونية ليست قاطعة بل قابلة لإثبات العكس , فيجوز إقامة الدليل على أن المؤلف الحقيقي هو شخص آخر غير الذي نسب إليه المصنف .
وقد يشترك في تأليف المصنف أكثر من شخص , فنكون أمام مصنف مشترك , ويكون من الطبيعي إسناد حقوق المؤلف إلى كل الأشخاص المشتركين في تأليف هذا المصنف.
فإذا كان اشتراكهم اشتراكاً مختلطاً بحيث لا يمكن فصل نصيب كل منهم في العمل المشترك , اعتبروا جميعاً أصحاب المصنف بالتساوي فيما بينهم , إلا إذا تم الاتفاق على غير ذلك كتابة.
أما إذا كان اشتراك كل من المؤلفين يرجع إلى نوع مختلف من موضوع المصنف , بحيث يمكن فصل نصيب كل منهم , فيكون لكل من المؤلفين الحق في استثمار الجزء الذي اشترك فيه على حدة , إلا إذا وجد اتفاق خطي على خلاف ذلك.
غير أن استغلال هذا الجزء منفصلاً عن غيره يجب ألا يكون من شأنه الإضرار باستثمار المصنف المشترك .
والأصل في حالة المصنف المشترك أنه لا يجوز لأي من المؤلفين المشتركين أن ينفرد بمباشرة السلطات التي يخولها حق المؤلف على المصنف المشترك في مجموعة , بل يجب أن يكون ذلك باتفاق جميع المؤلفين المشتركين في تأليف هذا المصنف.
غير أن المشرع السوري خرج على هذا الأصل بالنسبة إلى بعض أنواع المصنفات المشتركة , مثل :
- مصنفات الموسيقى الغنائية .
- المصنفات التي تنفذ بحركات مصحوبة بموسيقى .
- المصنفات السينمائية .
حيث جعل لمؤلف الشطر الأساسي فيها الحق في الانفراد بمباشرة سلطات حق المؤلف على مجموع المصنف المشترك دون حاجة إلى موافقة مؤلف الشطر الآخر .
وذلك مع عدم الإخلال بحق مؤلف هذا الشطر الآخر في الحصول على نصيبه في الربح , وفي نشر الشطر الخاص به واستغلاله بشكل مستقل , بشرط ألا يشكل هذا النشر أو الاستغلال وسيلة لمزاحمة المصنف المشترك .
ـ الاشتراك في وضع المصنف بتوجيه من شخص طبيعي أو اعتباري :
قد يشترك في وضع المصنف أكثر من شخص بتوجيه من شخص طبيعي أو اعتباري , ويندمج عمل المشتركين فيه في الفكرة العامة الموجهة من هذا الشخص الطبيعي أو الاعتباري , بحيث يكون من غير الممكن فصل عمل كل من المشتركين وتمييزه على حدة .
ملاحظة : يطلق على هذا المصنف اسم المصنف الجماعي تميزاً له عن المصنف المشترك .
مثال ذلك : الكتب المدرسية التي تصدر بتوجيه وإشراف وزارة التربية والتي يقوم بوضعها عدد من المؤلفين.
والأصل أنه ينبغي الاعتراف بوصف المؤلف في هذه الحالة للأفراد الذين ساهموا في وضع المصنف , لا للشخص الطبيعي أو الاعتباري الذي وجههم إلى وضعه دون أن يساهم ذهنياً في إنتاجه .
غير أن المشرع السوري ولاعتبارات عملية خرج على هذا الأصل واعترف بوصف المؤلف للشخص الطبيعي أو الاعتباري الذي وجه ابتكار المصنف ونظمه , بحيث يكون له وحده الحق في مباشرة حقوق المؤلف.
أما الأشخاص الذين ساهموا فعلاً في وضعه فلا يتصفون بصفة المؤلف ولا يتمتعون بحقوق المؤلف .
|