تعتبر قواعد العادات والمجاملات من القواعد الاجتماعية التي تســـتهدف تنظيم سلوك الأفراد في علاقاتهم اليومية داخل المجتمع , ومن ثم تتبلور هذه القواعد وفقاً لمبادئ
متعددة :
• منها ما يدخل في نطاق الذوق الجمالي الخاص كالمأكل ...
• ومنها ما يراعي مبادئ الذوق الجمالي العام كالملبس والمسكن ...
• ومنها ما يقوم على أساس حسن الآداب في التعامل كالتحية والسلام , والتزاور بين
الأقرباء وزيارة المرضى ومواساتهم وتبادل التهاني في المناسبات والأفراح والأعياد وما أشبه ذلك.
وفي ضوء ذلك يثور التساؤل عن معيار التمييز الذي يفرق بين هذه القواعد الاجتماعية وبين القاعدة القانونية ؟
إن الاختلاف في طبيعة الجزاء هو المعيار الفاصل للتمييز بين القواعد القانونية وقواعد العادات والمجاملات :
# إذ أن مخالفة القاعدة القانونية يؤدي لتدخل السلطة العامة استناداً لما تتمتع به من سلطة الإكراه والقسر لإجبار الأفراد على احترامها .
# أما الخروج عن قواعد العادات والمجاملات فلا يؤدي سوى لاستنكار الناس واشمئزاز الرأي العام ممن يخرق إحدى هذه القواعد .
ويرجع سبب الاختلاف في طبيعة الجزاء بين هذين النوعين من القواعد الاجتماعية إلى الاختلاف والتفاوت في طبيعة المصالح التي تهدف إلى تحقيقها وحمايتها .
# فالقيم والمصالح التي تهدف قواعد العادات والمجاملات لتحقيقها هي قيم ومصالح كمالية ومظهر جمالي , وبالتالي لا تحتاج لتدخل الدول بل يكفي أن يترك الأمر إلى مجرد الاستنكار العام للجماعة .
# أما المصالح التي ترمي إلى تحقيقها القاعدة القانونية فهي مصالح ضرورية
وأساسية لإقامة النظام والاستقرار في المجتمع , ولذلك فهي تحتاج لتدخل السلطة العامة تدخلاً مادية لإجبار الأفراد على احترامها وعدم خرقها .
على أن قواعد العادات والمجاملات قد تتحول إلى قواعد قانونية عندما يشعر المجتمع بارتباطها بمصالح جوهرية وأساسية وعندها يحميها بالجزاء المادي باعتبارها قد أصبحت قاعدة قانونية .
ومثال ذلك ما نصت عليه قوانين بعض الدول من ضرورة ترك الشبان لمقاعدهم في وسائل النقل العامة للشيوخ والعجائز ... فهنا لا نغدو بصدد قاعدة من قواعد العادات والمجاملات بل بصدد قاعدة قانونية يجبر من يخالفها على احترامها .
|