يثور التساؤل , من خلال تبني المعيار المعنوي في بيان طبيعة القاعدة فيما إذا كانت قاعدة آمرة أو قاعدة مكملة عن مفهوم النظام العام , فقد وجدنا أن القواعد القانونية المتعلقة بالنظام العام والآداب هي قواعد آمرة , أما القواعد التي لا تتعلق بالنظام العام والآداب فهي قواعد مكملة .
لقد تبنى المشرع السوري هذا المعيار في المادتين 137 – 138 ق.م.س فقد نصت المادة 137 ق.م.س على أنه : [ إذا كان محل الالتزام مخالفاً للنظام العام أو الآداب كان العقد باطلاً ] .
في الواقع ليس من السهولة تحديد فكرة النظام العام نظرياً لما يكتنفها من الغموض والإبهام لدرجة أنها قد استعصت عن وضع تعريف جامع مانع لها , وقد عبر بعض الفقهاء عن ذلك بقولهم : " إن النظام العام يستمد عظمته من ذلك الغموض الذي يحيط به , فمن مظاهر سموه أنه ظل متعالياً على كل الجهود التي بذلها الفقهاء لتعريفه " .
ففكرة النظام العام فكرة نسبية ومرنة تعبر بصفة عامة عن الأسس الاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية التي يقوم عليها نظام المجتمع , وهذه الأسس قد تتبدل بتبدل عواملها وتختلف باختلاف المجتمعات , لذلك فإن فكرة النظام العام تتغير بتغير الزمان والمكان .
أما تطبيقات فكرة النظام العام فكثيرة , إذ يمكن القول أن كل قواعد القانون العام تتعلق بالنظام العام , ذلك لأن هـذه القواعد تنظم العلاقات التي تكون الدولة طرفاً فيها , باعتبارها صاحبة السيادة , ومادام الأمر كذلك فإن تلك القواعد تنظم دائماً مصلحة أساسية من مصالح المجتمع .
فمثلاً قواعد القانون المالي الذي هـو فرع من فروع القانون العام تتعلق بالنظام العام , لذلك لا يجوز الاتفاق على التهرب من الضريبة .
وتطبيقات فكرة النظام العام لا تقتصر على فروع القانون العام , بل تمتد أيضاً في نطاق القانون الخاص , فالنصوص التي تضع حداً أدنى لأجور العمال تتعلق بالنظام العام , لأنها تحمي مصلحة اجتماعية , وأحكام الميراث والوصية والزواج تتعلق بالنظام العام .
أما فكرة الآداب فإنها تعتبر جزءاً من فكرة النظام العام , إذ تعبر عن الحد الأدنى من العادات الأخلاقية اللازم مراعاتها في المجتمع , أو بمعنى آخر الناموس الأدبي الذي يقوم عليه المجتمع , وهو جزء من كل يضاف إلى الأسس الاجتماعية والاقتصادية والسياسية ليتكون بعد ذلك ما يسمى بالنظام العام .
ومن أمثلة الاتفاقات المخالفة للآداب :
- الاتفاق على إقامة علاقة غير مشروعة مقابل مبلغ من النقود .
- وتأجير منزل لغرض من أغراض الدعارة .
- وأيضاً عقود المقامرة .... وما شابه ذلك .
- الأثر الذي يترتب على مخالفة النظام العام والآداب :
الأثر المترتب على مخالفة النظام العام والآداب هو البطلان , وقد أعطت المادة 143 ق.م.س لكل ذي مصلحة أن يتمسك بالبطلان , كما أجازت للمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها .
|