إن التسليم بوجود هذه التفرقة رغم ما تعرضت له من انتقادات لم يحل دون الاختلاف حول تحديد معيار هـذه التفرقة , وأدى ذلك إلى وجود معايير عديدة مقترحة , ومن هذه المعايير ما يلي :
1- المعيار المستمد من التفرقة بين المصلحة العامة والمصلحة الخاصة :
يقوم هذا المعيار على أساس إرجاع التفرقة بين القانون العام والقانون الخاص إلى اختلاف طبيعة المصلحة التي يهدف إلى تحقيقها كل منهما : فالقانون العام هو الذي يهدف إلى تحقيق المصلحة العامة , والقانون الخاص هو الذي يهدف إلى تحقيق المصلحة الخاصة .
ويؤخذ على هذا المعيار عدم دقته إذ في كثير من الحالات تبدو المصلحة العامة والمصلحة الخاصة مرتبطتان ارتباطاً من العسير حله .
فالزواج والطلاق والأهلية والولاية على النفس والمال وهي من أنظمة القانون الخاص إذا كانت تحقق مصالح خاصة فردية إلا أنها في الوقت ذاته تحقق مصلحة عامة لجماعة , إذ أن تكوين الأسرة وتنظيم العلاقات بين أفرادها في طليعة المصالح العامة للجماعة .
2- المعيار المستند إلى الأشخاص أطراف العلاقة القانونية :
يقوم هذا المعيار على أن قواعد القانون العام هي تلك القواعد التي تنظم العلاقات
التي تكون الدولة أو أحد فروعها طرفاً فيها .
أما قواعد القانون الخاص فهي التي تنظم العلاقة التي يكون كل أطرافها من الأشخاص الطبيعيين , أو من الأشخاص الاعتبارية الخاصة .
ويؤخذ على هذا المعيار أيضاً عدم دقته , ولا سيما مع اتساع دور الدولة في المجتمع الحديث , إذ تدخل الدولة في العديد من الحالات كطرف في العلاقة القانونية لا بصفتها صاحبة السيادة والسلطة , بل كأي شخص من الأشخاص الاعتبارية الخاصة , فعلى سبيل المثال لو أوصى أحد الأفراد بأمواله إلى الدولة أو غيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة فإن هذه الوصية تخضع من حيث صحتها لقواعد الإيصاء وفقاً للقانون الخاص , وليس وفقاً لقواعد القانون العام .
3- المعيار المستند إلى طبيعة القواعد فيما إذا كانت قواعد آمرة أم قواعد مكملة :
يقوم هذا المعيار على أساس أن قواعد القانون العام قواعد آمرة أي لا يجوز الاتفاق على مخالفتها , أما قواعد القانون الخاص فهي قواعد مكملة , أي يجوز الاتفاق على مخالفتها .
ويؤخذ على هذا المعيار عدم دقته أيضاً , فقواعد القانون الخاص ليست كلها قواعد مكملة , بل تتضمن العديد من القواعد الآمرة , كتلك المتعلقة بتنظيم الأسرة والأهلية , والقواعد التي تتطلب الشكلية في بعض العقود , مثل عقد الهبة وعقد الرهن الرسمي وما شابه ذلك .
|