التنافس المشروع بين الدائنين المرتهنين في الرهن واستيفاء الحق

لا يجوز للدائن المرتهن صاحب التأمينات المتعددة الإضرار بالدائن الآخر وإلا يعد متعسفاً باستعمال حقه . 
وعندما تباع  كل العقارات المرهونة يتم التوزيع بالتساوي بين الدائنين , شريطة أن تكون العقارات قد حجزت في وقت واحد , وموجودة في منطقة السجل العقاري ذاته . 
ويرى الدكتور أنه إذا تعددت العقارات المرهونة يجب أن يسمح للدائن التالي في الرتبة , دون الإضرار بالغير , أن يطالب بإلزام الدائن المرتهن الأول رتبة بقصر تنفيذه على عقار مرهون دون الآخر إذا كان ثمنه يكفي لسداد دينه , وإن لم يقبل الدائن المرتهن ذلك يكون متعسفاً في استعمال حقه . وهذا قد يوضع كشرط في عقد التأمين العقاري , وإن كان يخالف قاعدة عدم تجزئة التأمين العقاري التي هي بالأساس يجوز الاتفاق على مخالفتها . 
وإذا نزعت ملكية العقارات المؤمن عليها من يد المالك المدين , وأريد توزيع ثمن هذه العقارات على الدائنين المختلفين , فإن الآراء قد اختلفت في كيفية توزيع هذا الثمن : 
#  فهناك رأي يقول بإجراء التوزيع بنسبة قيمة كل من العقارات المبيعة , وبذلك يتحمل الدائنون المرتهنون الذي يأتون في المرتبة الثانية خسارة جزئية ولا يحرمون بتاتاً من ديونهم .
#  وهناك رأي آخر ينظر إلى الأقدمية في تسجيل التأمين العقاري , كما هي عليه الحال في التشريع السوري . ويستند هذا الرأي إلى أن الأفضلية في التأمين تعود إلى تاريخ قيده في السجل العقاري , فالدائن المرتهن الذي قيد حقه قبل غيره تكون له الأفضلية على من يأتي بعده بالقيد . 


ـ موقف الاجتهاد الفرنسي :

المبدأ أن الدائن المرتهن يمكنه التنفيذ على أي عقار يختاره من العقارات المرهونة , لكن لحماية بقية الدائنين المرتهنين الأدنى رتبة على أحد العقارات المذكورة حاول الاجتهاد الفرنسي تخفيف وطأة المبدأ المذكور . 
فقرر الاجتهاد الفرنسي أن الدائن المرتهن صاحب التأمين المتعدد لا يستطيع ممارسة حقه على حساب بقية الدائنين إذا اختار عقاراً معيناً بنية الغش وإلحاق الضرر بهؤلاء ودون أن تكون لديه مصلحة جدية و مشروعة .
وفي هذا الاجتهاد تطبيق واضح لنظرية التعسف باستعمال الحق . 
وقضى الاجتهاد الفرنسي أيضاً بأن يستوفي الدائن المرتهن حقه من ثمن العقار الذي يكون خالياً من حقوق الدائنين الآخرين قبل العقارات الأخرى التي تحمل بحقوق هؤلاء ذوي الرتبة الأدنى .
أما بالنسبة للأسبقية في القيد فقد ورد أنه لاحترام هذه القاعدة لابد أن يكون الدائن المرتهن الثاني الأسبق في التسجيل حسن النية , وهنا يمكن القول إنه من باب أولى أن يكون الدائن المرتهن الذي سجل حقه أولاً حسن النية أيضاً , ولا يكون في استعماله لحقه أي تعسف تجاه بقية الدائنين .