الوفاء والايداع وانقضاء الرهن التأميني بصفة تبعية

يكون الوفاء سبباً لانقضاء الرهن إذا كان كلياً ، أما إذا كان جزئياً فالرهن يستمر كاملاً . وفق مبدأ عدم تجزئة التأمين العقاري . 
و إذا ما زال سبب انقضاء الدين ، كما لو أبطل الوفاء بسبب نقص أهلية الموفي ، فإن الرهن يعود مع عدم الإضرار بحقوق الغير حسن النية الذي سجل حقه على ذات العقار بالفترة بين وفاء الدين وإبطال هذا الوفاء. و يجب التأشير من جديد بعودته على هامش القيد القديم في صحيفة العقار .
و لو أن رهناً جديداً ترتب على العقار في الفترة الواقعة بين انقضاء الرهن الأول و عودته تبعاً للدين ، فإن عودة الرهن القديم يجب أن لا تضر بالرهن الجديد ، و بذلك يتقدم الرهن الجديد في الرتبة على الرهن القديم ، شريطة أن يكون المرتهن الجديد حسن النية . ( و ذلك بحسب المادة 13 من القرار 188 لعام 1926 ) .
 

العرض و الإيداع

قد يشترط الدائن المرتهن في عقد التأمين العقاري عدم إمكانية تسديد الدين المضمون قبل حلول أجله أو قبل مرور مدة معينة أو دفع تعويض معين في حالة التسديد المسبق وهنا لابد من احترام هذا الشرط .
كما أنه قد يرغب المدين أو الحائز في الوفاء قبل حلول الأجل . و قد تصطدم هذه الرغبة برغبة الدائن الذي يرى من مصلحته رفض الوفاء المعروض عليه .
ففي مثل هذه الأحوال ، مهد المشرع السبيل للمدين للتخلص من التزامه ، فنظم طريقة إعذار الدائن ، و عرض الشيء محل الوفاء عليه ، و من ثم إيداعه خزانة المحكمة ، و ترقين قيده في السجل العقاري . 


ـ الإعـذار : 

يتعين على المدين أن يعرض الوفاء على الدائن عند حلول الأجل أو قبله ، فإذا رفض الدائن هذا العرض كان ذلك بمثابة إعذار له ، و عندئذٍ يجوز للمدين إيداع الشيء على نفقة الدائن ، و 
يغدو الشيء المودع على هذه الصورة على عهدة الدائن و مسؤوليته . 


ـ شرائط العرض : 

1 ـ يجب أن يجري العرض على الدائنين الذين يستفيدون من حقوق عينية تبعية على العقار .
و إذا أهمل المدين أو الحائز في إجراء العرض لأحد منهم ، فلا يترتب على ذلك بطلان العرض ، بل يبقى للدائن الذي لم يوجه إليه عرض ، أن يستوفي دينه ببيع العقار المضمون عند حلول أجل دينه . 
2 ـ يجب أن يشمل العرض على مجموع الالتزام المترتب ، و الأقساط الدورية أو الفوائدالمستحقة ، و النفقات المقررة ، و عند الاقتضاء التعويضات المشروطة . 
و إذا كان مبلغ الدين محرراً بنقد أجنبي ، جرى تحويله إلى النقد السوري بسعر يوم الوفاء .
3 ـ يجب أن تكون الشروط المعينة قد تحققت . 
4 ـ يجب أن يجري العرض في المكان المتفق عليه للوفاء . و إذا لم يكن هناك اتفاق خاص على محل الدفع ، ففي الموطن المختار لتنفيذ العقد . وإذا كان المبلغ محرر بالنقد الأجنبي يتم تحويله إلى النقد السوري بسعر يوم الوفاء . 
# و إذا قبل الدائن العرض ، ذكر ذلك في الضبط ، و سلم إليه محل الالتزام ، فيتم بذلك الوفاء . 
# أما إذا لم يقبل الدائن العرض ، فإن مأمور التنفيذ يثبت ذلك في محضره الذي يبلغه للدائن المرتهن مع إعذاره باستلام الشيء المودع فيكون للدائن المرتهن أن يودع الشيء وملحقاته بالخزينة العامة أو دائرة التنفيذ وتشمل ملحقات الشيء أو الدين المضمون فوائده حتى يوم إيداعه أصولاً ويبقى الشيء المودع على عهدة الدائن المرتهن ومسؤوليته .، و يكون للمدين أن يقوم حين ذاك بالإيداع . 
و يجوز أن يتم العرض بواسطة الكاتب بالعدل أو أمانة السجل العقاري ، كما يجوز إجراؤه بإقامة دعوى أمام قاضي الأمور المستعجلة . 


ـ الإيداع : 

تجب التفرقة بين ما إذا كان محل الوفاء نقوداً أو شيئاً غير النقود : 
# فإذا رفض الدائن العرض ، و كان المعروض من النقود ، أودع صندوق دائرة التنفيذ ، أو خزانة الدولة في اليوم التالي لتاريخ محضر العرض على الأكثر ، بعد أن تضاف عليه الفوائد حتى يوم الإيداع ، و على المأمور تبليغ الدائن صورة محضر الإيداع . 
و يلاحظ أن استمرار الفوائد إلى حين الإيداع يدعونا إلى القول بأن ذمة المدين تبرأ بالإيداع لا بالعرض . 
# أما إذا كان المعروض شيئاً غير النقود ، و رفض الدائن العرض ، جاز للمدين أن يطلب من رئيس التنفيذ تعيين حارس لحفظه في المكان الذي يعينه .ويعد طلب تعيين الحارس في هذه الحالة بمثابة الإيداع . 
و إذا كان المعروض من الأشياء التي يسارع إليها التلف ، أو التي يتطلب إيداعها نفقات باهظة ، فإنه يجوز بيعها بعد إذن من قاضي الأمور المستعجلة ، و يودع الثمن خزانة المحكمة . 


ـ ميعاد الإيداع :

ليس هنالك ميعاد محدد للإيداع ، و يحق لكل من المدين و الحائز أن يودع الدين لحساب الدائن ، سواء أكان أجل الدين حالاً أم غير حال ، و سواء أباشر الدائن في إجراءات البيع الجبري أم لم يباشر بها .
و لا ينقطع حقهما في الإيداع إلا بإحالة العقار إحالة قطعية إلى اسم المشتري . 
ـ تبليغ محضر الإيداع إلى الدائن : 
أوجب القانون المدني تحرير محضر الإيداع و تبليغه إلى الدائن ، سواء أكان الإيداع منصباً على شيء أو مبلغ من النقود : 
# ففي الحالة الأولى ( أي إذا كان الإيداع منصباً على شيء ) : أوجب المشرع ضم هذا المحضر إلى طلب الترقين ، و قضى بأن يقوم رئيس المكتب المكلف بمعاملات التسجيل بإبلاغ صورة عن المحضر للدائن ، مع إعذاره باستلام الشيء المودع .
و يجري التبليغ في الموطن المختار لتنفيذ العقد .
و في حال عدم وجـود اتفاق خاص يكون التبليغ صحيحاً إذا جرى في مركز المكتب العقاري . 
# و في الحالة الثانية ( أي إذا كان الإيداع منصباً على مبلغ من النقود ) : أوجب المشرع على الموظف المكلف بمسك السجل العقاري ـ بعد أن يطلع على محضر الإيداع ، و بعد أن يتحقق من أن المبالغ المودعة معادلة للمبالغ المسـتحقة المنصوص عليها في عقد الرهن التأميني ـ أن يقوم بإبلاغ الدائن الإيداع الذي أجراه المدين الراهن أو حائز العقار المرهون . 


ـ ترقين القيد : 

إذا لم يعمد الدائن بعد التبليغ آنف الذكر إلى الاعتراض -بالتجائه إلى المحاكم في المواعيد القانونية -يرقن الموظف القيد . 
على أنه يلاحظ أن القيد إذا كان يتضمن شروطاً أو بنوداً خاصة لا يمكن ثبوت تنفيذها بصورة صحيحة و قانونية إلا بواسطة القضاء ، فلا يجري الترقين إلا بعد الاطلاع على الحكم القضائي المثبت تنفيذ الشروط أو البنود المذكورة . ( و بهذا قضت المادة 1106 ق.م ) . 
ملاحظة : قلنا أن الدين ينقضي بالإيداع ، و نشير هنا إلى أن الرهن ـ باعتباره حقاً عينياً عقارياً ـ لا ينقضي بانقضاء الدين بالرغم من تبعيته له ، و إنما ينقضي بالترقين .
و ظاهرٌ أن تراخي انقضاء الرهن إلى حين الترقين يعد استثناء من مبدأ تبعية الرهن . 


 ـ أحكام خاصة ببعض أسباب انقضاء الدين : 

1 ـإذا تم الوفاء من غير المدين كالحائز أو مدين المدين، فإن الرهن يبقى ضامناً لحق الموفي إذا حل محل الدائن     قانوناً أو اتفاقاً . 
2 ـإذا انقضى الدين بسبب التجديد زال الرهن التأميني الضامن له ، إلا إذا اتفق الطرفان أو     نص القانون على انتقاله إلى الالتزام الجديد . 
3 ـإذا وفى المدين ديناً ، و كان له أن يطلب المقاصة فيه بحق له ، فلا يجوز له أن يتمسك     إضراراً بالغير بالرهن التأميني الذي يكفل حقه ، إلا إذا كان يجهل وجود هذا الحق ( م     367 ق . م ) . 
4- وإذا وفى الكفيل العينيالدين المضمون فإنه يحل محل الدائن المرتهن وعلى الكفيل العيني إخطار المدين الراهن بالوفاء الذي قام به وإلا يفقد حقه إذا دفع المدين الراهن ثانية للدائن المرتهن وللكفيل العيني كل حقوق الدائن المرتهن تجاه المدين الراهن ، ومنها التأمينات الأخرى التي تكون على هذا المدين وإذا لم يكن بالإمكان الاستفادة من هذه التأمينات بخطأ من الدائن المرتهن نفسه فإن الكفيل العيني لا يلزم بدفع الدين المضمون لكن خطأ الدائن المرتهن بهذه الحالة يجب أن يكون قد سبب ضررا للكفيل العيني