تهدف حيازة المال المرهون من قبل الدائن المرتهن أو العدل إلى تأمين الوفاء بالدين المضمون عند استحقاقه , وعليه لا يجوز حبس المال المرهون متى استوفي هذا الدين بل يتعين رده .
والدائن المرتهن ملزم برد المال المرهون بالحالة التي تسلمه عليها , وبالتالي يلتزم بالمحافظة على هذا المال لحين رده . مما يستتبع القول أن التزام الدائن المرتهن بالمحافظة على المال المرهون هو التزام ثانوي مشتق من الالتزام الأصلي برده .
ولقد أكدت المادة 1066 من القانون المدني على التزام الدائن المرتهن لعقار بصيانته و المحافظة عليه .
كذلك يستفاد التزام الدائن المرتهن بالمحافظة على المال المرهون من نص المادة 1035 /1 من القانون المدني , التي تعتبره مسؤولاً من حيث المبدأ عما قد يصيب المال المرهون من هلاك أو تلف , وتعتبر المدين الراهن ملزماً بما أنفقه الدائن المرتهن لصيانة المال المرهون . وعلى هذا جرت محكمة النقض .
لكن هذه النصوص , المتعلقة بالتزام الدائن بالمحافظة على المال المرهون , عقاراً كان أم منقولاً , لم توضح مدى التزام العدل بهذه المحافظة . و باعتباره حائزاً للمال المرهون نيابة عن الدائن المرتهن فهو ملزم بالمحافظة عليه كما لو كان الدائن المرتهن نفسه .
كذلك لم تبين النصوص المذكورة مدى التزام الدائن المرتهن بالمحافظة على المال المرهون ولا المقصود به , هل هو التزام بغاية أم التزام بوسيلة ؟
ولم تبين أيضاً درجة العناية المطلوبة التي يجب أن يبذلها الدائن المرتهن , هل هي عناية الرجل الحريص أم عناية الرجل الوسط , أم أنها عناية المرتهن نفسه بأمواله الخاصة ؟
وعليه يجب العودة في كل هذا إلى القواعد العامة بهذا الخصوص , والتي وردت في المادة 212/1 من القانون المدني .
وعليه :
يلتزم الدائن المرتهن ببذل عناية الرجل العادي في حفظ المال المرهون ، و السبب في ذلك أنه لا يعمل لمصلحة الراهن فحسب , و إنما لمصلحته أيضاً .
أما العدل فيلتزم ببذل عناية الرجل المعتاد إذا كان مأجوراً ، بسـبب أنه يعد وكيلاً عن الطرفين ، وهو ذو مصلحة في الوكالة .
وإذا لم يكن العدل مأجوراً فيلتزم ببذل العناية التي يبذلها في أعماله الخاصة ، كما يلتزم الوكيل غير المأجور .
فالتزام الدائن بحفظ المال المرهون هو التزام تعاقدي بموجب عقد الرهن ذاته , فتكون مسؤوليته مسؤولية تعاقدية تقتضي بأن يبذل في المحافظة على المال المرهون عناية الرجل المعتاد .
لكن تجدر الإشارة إلى أنه يجوز للطرفين في عقد الرهن الحيازي الاتفاق على تشديد أو تخفيض درجة العناية المطلوبة , و إدراج ذلك كشرط في عقد الرهن ذاته .
وإذا ما تقلصت العناية التي يبذلها الدائن المرتهن أو العدل عـن عناية الرجـل المعتاد فيعد مقصراً .أما إذا التزام بهذه العناية فلا يحاسب على تقصيره إذا كان هذا التقصير يصدر عن الرجل المعتاد نفسه , و يعود تقدير ذلك إلى القاضي .
فإذا كان المال المرهون ديناً : وجب على الدائن المرتهن استيفاؤه عند حلول أجله , و استيفاء الفوائد التي استحقت عنه أثناء مدة الرهن , وكذلك قطع التقادم إذا كان الدين مهدداً بالســـقوط
بالتقادم .
لكن التقادم يتوقف في حالات عديدة منها وجود المانع الأدبي بين الدائن و المدين في الالتزام . و على هذا جرت محكمة النقض , إلا أن الدائن المرتهن لا يتأثر بالمانع الأدبي في هذه الحالة , لأنه ليس طرفاً في الالتزام الأصلي .
وإذا كان المال المرهون داراً وجب على الدائن المرتهن إصلاحها إذا أصابها خلل وصيانتها من كل عطل أو ضرر .
وإذا كان المال المرهون ورقة تجارية فعلى الدائن المرتهن أن لا يتأخر في المطالبة بالوفاء بها عند استحقاقها .
ويدخل في مضمون الالتزام بالمحافظة على المال المرهون واجب الدائن المرتهن في المبادرة إلى إخطار المدين الراهن بما يهدد ماله من هلاك أو تلف أو نقص في القيمة .
ويترتب على التزام الدائن المرتهن بالمحافظة على المال المرهون أن يمتنع عن التصرف بهذا المال بيعاً أو هبة أو رهناً . ويخشى من هذه التصرفات بشكل خاص عندما يكون المال المرهون منقولا ً.
والالتزام بصيانة المال المرهون يستلزم إنفاق مصروفات ضرورية لهذه الصيانة , ومنها دفع الضرائب , والتي يلتزم المدين الراهن بدفع قيمتها كاملة إلى الدائن المرتهن .
أما تقصير الدائن المرتهن في المحافظة على المال المرهون وهلاكه أو تضرره بسبب ذلك فيجعله ضامناً لقيمته , أو قيمة الأضرار التي وقعت عليه , إلا إذا أثبت أن الهلاك أو التلف قد حصل بسبب قوة قاهرة .
|