عندما نظم المشرع تشكيلات المحاكم في سورية جعل بعضها بتشكيل فردي ومن قاض واحد كما هو الحال بالنسبة إلى محاكم الصلح والبداية والشرعية , وجعل بعضها الآخر بتشكيل جماعي من عدة قضاة كما هو الحال بالنسبة إلى محاكم الاستئناف ومحكمة النقض والهيئة العامة لمحكمة النقض .
وقد أحسن المشرع السوري صنعاً إذ أخذ بنظامي قضاء الفرد وقضاء الجماعة حسب أهمية الدعوى , فجمع بين محاسنهما في المسائل التي يرى أن محاسن أحدهما تفوق مساوئه .
إن هذا النظام يتيح للقضاة المجال في التشاور وتبادل وجهات النظر حول المشكلات القانونية التي تثيرها الدعوى ويستفيد كل قاضي من خبرة زميله فيصدر الحكم أقرب إلى العدل والصواب من الحكم الصادر عن القاضي الفرد .
ونظراً إلى أن الحكم ينسب إلى هيئة المحكمة بأكملها , فهذا يزيد من جرأة القضاة في الحكم دون أن تتأثر قناعاتهم بالرأي العام أو الضغوط الخارجية التي قد تؤثر على قناعة القاضي الفرد فضلاً عن أن تعدد القضاة يقلل من احتمال تحيز أحدهم لصالح أحد الخصوم , بسبب مراقبة القضاة لبعضهم , ولأن هذا القاضي لا يعدو أن يكون عضواً في تشكيل المحكمة , ولا تتوافر هذه الضمانة لدى القاضي الفرد الذي ينفرد بالحكم , وقد يساعده ذلك على محاباة أحد الخصوم على حساب الخصم الآخر .
أنه يرفع الشعور بالمسؤولية لدى القاضي ويدفعه إلى العناية بالأحكام التي يصدرها فلا يرمي بالمسؤولية عما يرتكبه من أخطاء على عاتق زملائه كما هو الحال في المحاكم الجماعية , ويساعد قضاء الفرد على سرعة الفصل في الدعاوى بعدد قليل من القضاة , فيوفر النفقات على خزينة الدولة .
≠ كما أن الحكم الصادر عن قضاء الجماعة لا يعني بالضرورة أنه أكثر عدلاً من الحكم الصادر عن قضاء الفرد , فربما لا يعكس تعدد القضاة جودة في العمل , فنسبة الحكم إلى هيئة المحكمة بأكملها , يغرس روح الإتكالية في نفس القاضي على زملائه , بالإضافة إلى أن الواقع العملي أثبت أن أعضاء المحكمة لا يجرون مداولة حقيقية فيما بينهم رغم وجوبها , ويقبلون في الغالب رأي رئيس المحكمة أو العضو المكلف بتقديم تقرير عن الدعوى , فيكون الحكم من صنعه وحده.
اكتب تعليق