الاسم واسم الشخص والاسم التجاري حسب القانون المدني

تتميز شخصية كل إنسان باسم يعرف به .
فالاسم هو ما يميز الإنسان عن غيره من الناس في حياته الاجتماعية والقانونية , وفي ممارسة حقوقه وتأدية واجباته . 


ـ تحديد الاسم :

يتألف اسم الشخص عادة من اسمه الشخصي ومن اسمه العائلي أو اللقب . 
ويقصد باللقب اسم الأسرة التي ينتمي إليها الشخص , حيث يشترك جميع أفراد الأسرة في حمل اللقب .
أما الاسم الشخصي فهو الاسم الخاص الذي يضاف إلى اللقب لتمييز الشخص عن غيره من أفراد الأسرة الواحدة الذين يحملون نفس اللقب .
وهذا المعنى الشامل الذي يشمل اللقب والاسم الشخصي معاً هو الذي نقصده من اصطلاح الاسم قي هذه الدراسة .

ـ ملاحظة : استعمل المرسوم التشريعي رقم 26 لعام 2007 الخاص بالأحوال المدنية اصطلاح "النسبة" للدلالة على اللقب , حيث عرفت المادة الأولى من هذا المرسوم النسبة بأنها اسم الأسرة أو ما يقوم مقامها من أسماء السلف .


ونصت المادة 25 من المرسوم التشريعي رقم 26 لعام 2007 الخاص بالأحوال المدنية على أنه : " لا يجوز تسجيل مكتوم باسم أخ له متوفى من نفس والديه " .
كما نصت المادة 26 من هذا المرسوم التشريعي على أنه : " لا يجوز تسمية المولود باسم مركب مكون من أكثر اسمين " .
وقد نصت المادة 40 من القانون المدني السوري على أنه :
" يكون لكل شخص اسم ولقب , ولقب الشخص يلحق أولاده ".


ويتضح من هذا النص أن المشرع يفرض على كل شخص أن يتخذ لنفسه لقباً إلى جانب اسمه الخاص أو الشخصي تحقيقاً للضرورة الاجتماعية الملحة في التمييز بين الأشخاص , و دفعاً لما قد يقع من لبس في التمييز بينهم بسبب تشابه الأسماء الشخصية .
كما يتضح من هذا النص أن اللقب يلحق الشخص عن طريق النسب , فيكون لقب الشخص هو لقب أبيه .
وعلى هذا فان لقب الشخص لا يلحق زوجته , خلافاً لما هو سائد في البلاد الغربية حيث تكتسب الزوجة لقب زوجها .
وقد يحدث أحياناً أن يشتهر الشخص بين الناس باسم آخر غير اسمه الحقيقي , وهذا ما يسمى باسم الشهرة . 
وقد يتخذ الشخص أحياناً اسماً مستعاراً يطلقه على نفسه ويستعمله في مجال معين من مجالات نشاطه , كالنشاط الأدبي أو الفني .
وعلى ذلك فإن :
اسم الشهرة يطلقه الجمهور على الشخص ويستوعب كامل نشاطه وشخصيته .
أما الاسم المستعار فيطلقه الشخص على نفسه ويقتصر على وجه معين من أوجه النشاط .
ويعتبر كل من الاسم المستعار واسم الشهرة خاصاً بصاحبه وحده , فلا يلحق أولاده عن طريق النسب .


ـ ملاحظة :قد يتم اكتساب اللقب عن غير طريق النسب , ففي الشرائع التي تجيز نظام التبني يكتسب الولد المتبنى لقب الشخص الذي تبناه , كما أن اللقيط مجهول الأبوين يمنح لقبا منتحلا يطلقه عليه أمين السجل المدني .


ـ الطبيعة القانونية للاسم :

اختلفت الأنظار الفقهية في الطبيعة القانونية للاسم , وتراوحت الآراء بين اعتباره واجباً وبين اعتباره حقاً .
فمن نظر إلى الاسم باعتباره واجبا رأى فيه نظاما إدارياً تقرضه الدولة على الأشخاص لتسهيل التمييز بينهم .
ومن نظر إليه باعتباره حقاً : إما كيفه بأنه حق ملكية , وإما كيفه بأنه حق من حقوق الشخصية .


والنظر إلى الاسم باعتباره واجباً يؤخذ عليه بأنه يغفل ما لكل شخص من مصلحة في حمل اسم معين يميز ذاته وشخصيته ويمنع اختلاط غيره به , وهذه المصلحة تقتضي حماية القانون للاسم من كل اعتداء يقع عليه من قبل الغير , وهو لا يتأتى إلا عن طريق الاعتراف بالاسم كحق للشخص .
وأما النظر إلى الاسم باعتباره حق ملكية فقد لاقى نقداً شديداً , و ذلك لأن :
حق الملكية لا يرد إلا على شيء مادي , في حين أن الاسم ليس شيئاً مادياً , بل هو شيء معنوي .


ثم إن حق الملكية من الحقوق المالية التي يمكن تقويمها بالنقود , في حين أن حق الشخص في الاسم لا يقوم بالمال .
كما أن حق الملكية يكتسب بالتقادم ويقبل التنازل عنه أو التصرف فيه , في حين أن حق الشخص في الاسم لا يكتسب ولا يسقط بالتقادم ولا يجوز التصرف فيه أو التنازل عنه .
كذلك فإن حق الملكية يختلف عن الحق في الاسم من حيث الاستخلاف عليه بالإرث , فاللقب يلحق الولد بمجرد الولادة وقبل موت الأب بحيث يثبت لهما معا الحق ذاته في وقت واحد .


إزاء هذه الانتقادات اتجه الفقه الحديث إلى اعتبار الاسم ذا طبيعة قانونية مزدوجة أو مركبة :
فهو من جهة واجب تقرضه الدولة على الأشخاص مراعاة للصالح العام .
و هو من جهة أخرى حق من حقوق الشخصية الغاية منه تمييز صاحبه عن غيره من الأشخاص في مظاهر نشاطه المختلفة . 
ويترتب على اعتبار الاسم واجباً مفروضاً على الأشخاص :
A- ضرورة أن يتسمى كل شخص باسم معين ليكون علامة مميزة لشخصيته ومانعاً من اختلاطه بغيره من الأشخاص .
B- وان يمتنع الشخص عن تغييره أو تعديله بمحض إرادته , لأن في ذلك ما يسيء إلى استقرار المعاملات داخل المجتمع, ولذلك يجب أن يخضع تغيير الاسم لإجراءات خاصة حماية للمصلحة العامة .


كما يترتب على اعتبار الاسم حقاً من حقوق الشخصية - وليس حقا ماليا :
A- عدم قابليته للتصرف فيه .
B- وعدم خضوعه للتقادم .
C- فلا يجوز للشخص التنازل عنه للغير أو التصرف فيه .
D- كما لا يسقط حق الشخص في استعمال اسمه مهما طالت مدة عدم استعماله .


غير أن الشخص قد يستعمل اسمه المدني في تجارته فيطلقه على محله التجاري , وهذا ما يعرف بالاسم التجاري , وعند استعمال الاسم المدني كاسم تجاري تتغير طبيعة الاسم المدني فينفصل عن شخصية صاحبه , فلا يعتبر حقا من حقوق الشخصية , وإنما يصبح عنصراً من عناصر المحل التجاري , كما يصبح بالتالي حقاً مالياً قابلاً للتصرف فيه والتقادم .


ـ ملاحظة : فرض المشرع السوري إجراءات معينة من أجل تصحيح أو تعديل قيود الأحوال المدنية , أي البيانات المتعلقة بالمواطن و المدونة في السجل المدني , فقد نصت الفقرة أ من المادة 46 من المرسوم التشريعي رقم 26 لعام 2007 الخاص بالأحوال المدنية على أنه :


" لا يجري أي تصحيح أو تعديل في قيود الأحوال المدنية إلا بناء على حكم يصدر عن قاضي صلح المنطقة التي يوجد فيها القيد الأصلي " .
كما فرضت المادة 47 من هذا المرسوم التشريعي على أمين السجل المدني أو أحد معاونيه حضور دعاوى الأحوال المدنية شخصياً .
كذلك أوجبت المادة 49 من هذا المرسوم تبليغ الأحكام الصادرة عن المحكمة المختصة خلال عشرة أيام من تاريخ صدورها إلى أمين السجل المدني في مكان القيد , ومنعت تدوين هذه الأحكام في السجل المدني إلا بعد اكتسابها الدرجة القطعية .
أما فيما يتعلق بتصحيح الأخطاء المادية, فيجري منقبل أمين السجل المدني المختص بموجب محضر إداري يصدق من قبل مدبر الشؤون المدنية في المحافظة (المادة 64/هـ من المرسوم التشريعي سالف الذكر) . 

 

ـ حماية الاسم : 

يترتب على كون الاسم حقاً من حقوق الشخصية أنه يتمتع بحماية القانون من كل اعتداء يقع عليه . وقد قررت المادة 52 من القانون المدني السوري هذا المبدأ العام المتضمن حماية الحقوق الملازمة لشخصية الإنسان من كل اعتداء حيث نصت على أنه :
" لكل من وقع عليه اعتداء غير مشروع في حق من الحقوق الملازمة لشخصيته أن يطلب وقف هذا الاعتداء مع التعويض عما يكون قد لحقه من ضرر " .
وقد طبق المشرع هذا المبدأ في شأن حماية الحق في الاسم , حيث قضت المادة 53 من القانون المدني السوري بأن : 
 " لكل من نازعه الغير في استعمال اسمه أو لقبه أو كليهما بلا مبرر , ومن انتحل الغير اسمه أو لقبه أو كليهما دون حق , أن يطلب وقف هذا الاعتداء مع التعويض عما يكون قد لحقه من ضرر".
ويتبين من النص السابق أن الاعتداء على الاسم يتخذ إحدى صورتين : المنازعة في استعمال الاسم , أو انتحاله :
ويقصد بالمنازعة اعتراض الغير بلا مبرر على حق شخص معين في الاسم الذي يحمله وعلى استعماله له .
أما الانتحال فيقصد به تسمي الغير باسم شخص معين واستعماله له دون حق .


وفي كلتا الحالتين يجمع صاحب الاسم وسيلتين لحماية حقه من الاعتداء : 
A- الأولى هي المطالبة بوقف الاعتداء وذلك دون توقف على وقوع الضرر .
B- والثانية هي المطالبة بالتعويض , وهذه لا بد فيها من وقوع ضرر من جراء الاعتداء .


ويلاحظ أن هذه الحماية القانونية لا تقتصر على الاسم الحقيقي , بل تمتد إلى اسم الشهرة والاسم المستعار .
كما أن الاسم التجاري يتمتع هو الآخر بحماية القانون , فيكون من حق صاحبه المطالبة بوقف المنازعة فيه أو انتحاله من قبل الغير , مع حقه في المطالبة بالتعويض عن الضرر الذي يصيبه من جراء هذا الاعتداء.

  • عدد المشاهدات : 23050

المقالات المتعلقة

الرقابة القضائية على صحة التشريع

الرقابة القضائية على صحة التشريع

التشريع أو القانون الخاطئ ورقابة القضاء على القوانين ..
التشريع كمصدر أساسي من مصادر القانون

التشريع كمصدر أساسي من مصادر القانون

كيف يتم إصدار وإقرار القوانين في الدولة والسلطة المخ... ..


اكتب تعليق

جميع حقوق النشر محفوظة 2024
Created by: Turn Point