الأثر المباشر للقانون

تقتضي هذه القاعدة بأن يطبق القانون على كافة المراكز القانونية التي تنشأ في ظله منذ نفاذه إلى تاريخ إلغائه .
كما تقتضي بضرورة سريانه على المراكز القانونية التي هي من طور التكوين أو الانقضاء , وهو يسري أيضاً على الآثار المستقبلية لمركز قانوني يسابق وإن تم تكوينه أو انقضاؤه في ظل القانون القديم .
يرجع الفضل في إظهار هذه القاعدة وإقامتها بشكل علمي دقيق إلى الفقهاء أولاً والقضاء ثانياً .


ففي أوائل القرن التاسع عشر كان في طليعة من صاغ هذه القاعدة من الفقهاء كل من ( أوبري ورو ) , ثم تبعهم في ذلك القضاء فقد صدر في فرنسا قراراً لمحكمة التمييز جاء فيه : " مبدئياً يطبق القانون الجديد على الأحوال القائمة والعلاقات الحقوقية المكونة ولو قبل صدوره " .
وفي سوريا فقد صدر قانون العمل الموحد رقم / 91 / لعام 1959 حيث نص في مواده ( 114- 115 – 117 – 118 – 119 ) على تحديد ساعات العمل الفعلية القانونية .
لكنه في المادة / 22 / استثنى بعض الحالات وسمح بإمكانية العمل بساعات إضافية للقيام بأعمال الجرد السنوي وإذا كان العمل لمنع وقوع حادث خطر ...إلخولكنه نص في المادة ذاتها على أنه : " في جميع الأحوال المستثناة لا يجوز أن تزيد ساعات العمل الفعلية على عشر ساعات في اليوم الواحد : .
وبالتأكيد فإن أحكام هذا النص تشمل كل عقد عمل يجري بين العمال وأرباب عملهم بعدصدوره .


وكذلك تشمل أيضاً جميع عقود العمل التي عقدت من قبل وما تزال سارية وموجودة حين نفاذ هذا النص , بحيث يجب تكييفها اعتباراً من تاريخ نفاذه وفقاً لأحكام هذا النص . هذه هي قاعدة الأثر المباشر للقانون .
وإذا أردنا البحث في أساس هذه القاعدة ومبرراتها فلوجدنا أنه يمكن أن تبنى على مجموعة من المبررات لعل أهمها :
1) أن سلطات القانون وسيادته واجبا الاحترام , وأن أوامر المشرع لازمة الرعاية فوراً , بل مادام المشرع يستطيع أن يجعل القانون ذا أثر رجعي ويشمله للماضي , فمن الطبيعي على الأقل أن يكون له أثر مباشر .
2) ضرورة الرجوع إلى الوحدة اللازمة في التشريع , فإذا أبقينا القانون القديم مرعي الإجراء على الأحوال القائمة من قبل , واكتفينا بتطبيق القانون الجديد فقط على كل ما يستجد من أحوال , كان لدينا في نفس الوقت أحوال متماثلة تماماً تعطى لها أحكام مختلفة في زمن واحد مما لا يقبله المنطق , ويتنافى مع مبدأ استقرار المعاملات في المجتمع .


فمثلاً : حالة العمل في معمل واحد , فمنهم من بدأ العمل قبل 7/4/1959 , ومنهم من بدأ بعد ذلك , فلا يعقل أن يكون لكل منهم أحكاماً تختلف عن الآخر من حيث ساعات العمل , أو الراحة الأسبوعية أو تحديد الأجور .

  • عدد المشاهدات : 15251

المقالات المتعلقة

الأشياء المثلية والأشياء القيمية

الأشياء المثلية والأشياء القيمية

تقسيم الأشياء حسب القانون المدني ..
الرقابة القضائية على صحة التشريع

الرقابة القضائية على صحة التشريع

التشريع أو القانون الخاطئ ورقابة القضاء على القوانين ..
بداية ونهاية شخصية الإنسان وأحكام الشخصية في القانون

بداية ونهاية شخصية الإنسان وأحكام الشخصية في ال...

أحكام المفقود وانتهاء شخصية الانسان حسب القانون المدني ..


اكتب تعليق

جميع حقوق النشر محفوظة 2024
Created by: Turn Point