يقصد بالفقه : مجموع الآراء التي تصدر عن علماء مختصين في القانون , بصدد شرحهم وتفسيرهم له , سواء أكان ذلك في مؤلفاتهم , أو أبحاثهم , أو فتاويهم , أو محاضراتهم .
و مهمة الفقيه تقتصر على شرح أحكام القانون , و تفسير ما غمض من نصوصه , واستنباط آراء علمية تبين ما ينبغي أن يكون عليه القانون , وتنير السبيل أمام من يقومون بوضع القانون عند تعديله , و أمام القضاة الذين يقومون بتطبيقه .
و لقد كان للفقه دور كبير في القديم كمصدر من المصادر الرسمية للقانون :
ففي القانون الروماني كان هؤلاء الفقهاء يطلق عليهم اصطلاح حكماء , بحيث استطاع هؤلاء الحكماء إصدار آراء و فتاوى بلغت حداً كبيراً من الأهمية , بحيث يحتج بها المتخاصمون و ملزمة للقضاء فيما يحكمون به , و نذكر منهم الفقيه جايس , وبابينيان , وبول , والبيان , ومودستين .
كما كان للفقه في الشريعة الإسلامية أهمية كبرى , و لكن هذه الأهمية كما رأينا سابقاً قد اختلفت من عصر إلى آخر .
و قد كان للفقه أثر واضح في قيام القانون الفرنسي القديم وتطوره , بل إن عمل الفقهاء ساعد كثيراً على العمل على توحيد القانون في فرنسا في أواخر عهد القانون الفرنسي القديم , ومهد بذلك السبيل لإصدار مجموعة نابليون . و الدليل على ذلك ثابت من مدى الأثر الكبير الذي تركته في نصوص هذه المجموعة آراء الفقيهين الفرنسيين بوتييهو دوما .
على أنه بمجرد صدور مجموعة نابليون ضعفت أهمية الفقه , و اقتصر دوره على مجرد تفسير نصوصها .
و إذا كان القانون السوري شأنه في ذلك شأن كل القوانين الحديثة لا يعترف بالفقه كمصدر رسمي للقانون , و لكن هذا لا ينفي ما للفقه من أهمية , فهو يساعد القاضي في تفسير القانون و إجلاء غموضه و كيفية تلافي النقص في التشريع , إذ كثيراً ما يتأثر القاضي بآراء الفقهاء ويستشهد بها في الأحكام الصادرة عنه .
ولا يقتصر أثر الفقه على القاضي , بل يتعداه إلى المشرع ذاته , فهو الذي يعرض نظريات القانون بصورة علمية , و يبين ما يجب أن يكون عليه النظام القانوني , و يهدي المشرع إلى ما في التشريع من نقص أو عيب .
و عليه فالفقه يقوم اليوم بدور هام في تطوير القانون .
اكتب تعليق