تنص المادة 1123 من القانون المدني على ما يلي :
«1ـ المبالغ المستحقة لصاحب الفندق في ذمة النزيل عن أجرة الإقامة و المؤونة ، وما صرف لحسابه ، لها امتياز على الأمتعة التي أحضرها النزيل في الفندق أو ملحقاته .
2ـ و يقع الامتياز على الأمتعة , و لو كانت غير مملوكة للنزيل إذا لم يثبت أن صاحب الفندق كان يعلم وقت إدخالها عنده بحق الغير عليها ، بشرط أن لا تكون تلك الأمتعة مسروقة أو ضائعة .
و لصاحب الفندق أن يعارض فـي نقل الأمتعة مـن فندقه ما دام لم يستوفِ حقه كاملاً . فإذا نقلت الأمتعة رغم معارضته أو دون علمه ، فإن حق الامتياز يبقى قائماً عليها ، دون الإخلال بالحقوق التي كسبها الغير بحسن نية .
3 ـ و لامتياز صاحب الفندق نفس الرتبة التي لامتياز المؤجر » .
يقوم امتياز صاحب الفندق على فكرة الرهن الضمني ، كما هـي الحال بالنسبة لامتياز المؤجر . فالمشـرع يفترض وجود اتفاق ضمني بين صاحب الفندق و النزيل الذي يفيد ( يستفيد ) من فندقه ، تكون بمقتضاه أمتعة النزيل ضامنة لما يستحق لصاحب الفندق عليه بمناسبة إقامته في الفندق .
و هذا الافتراض سائغ ( منطقي ) ، لأن صاحب الفندق يجد نفسه مسوقاً لاستقبال كل من يطلب منه المأوى ، دون أن تكون لديه أية فكرة عن ملاءته المالية ، إلا عن طريق ما يجلبه من أمتعة .
و ظاهر أن هذا الامتياز يسهل التعامل بين صاحب الفندق و النزيل :
فهو ( أي الامتياز ) يقدم لصاحب الفندق الضمان الذي يمكنه من قبول النزيل ، دون أن يدفع له الأجر مقدماً ،
كما أنه يتيح للنزيل الحصول على مأوى دون أن يكلف بالدفع سلفاً .
لقد قرر هذا الامتياز لصاحب الفندق ، أي للشخص الذي يقدم للنزيل المأوى و الطعام ، أو المأوى فقط .
وبالتالي لا يفيد منه صاحب المطعم و صاحب المقهى ، اللذين يقتصر عملهما على تقديم الطعام و الشراب دون المأوى .
وكذا لا يفيد منه صاحب المنزل المفروش الذي يقتصر على إسكان النزيل دون إطعامه ، فهذا يكون له امتياز المؤجر .
ولا يشترط في ثبوت امتياز صاحب الفندق أن يكون النزيل سائحاً أو مسافراً ، و إنما يستوي فيه أن يكون النزيل مسافراً أو مقيماً في نفس البلد الذي يوجد فيه الفندق .
وذلك بخلاف القانون المدني الفرنسي الذي يمنح صاحب الفندق امتيازاً على أمتعة السائح أو الزائر دون المقيم .
وسع القانون المدني نطاق هذا الامتياز ، و جعله شاملاً لجميع المبالغ المستحقة لصاحب الفندق في ذمة النزيل عن أجرة الإقامة ، و المؤونة ، و ما صرف لحسابه .
و على ذلك ، فامتياز صاحب الفندق يضمن :
1 ـ أجرة إقامة النزيل .
2 ـ و ما يقدمه صاحب الفندق من طعام و شراب .
3 ـ و ما ينفقه صاحب الفندق لحساب النزيل خلال مدة إقامته . و يدخل في ذلك :
أ- ما يقدمه صاحب الفندق لأفراد أسرة النزيل و تابعيه ، كزوجه و أولاده ، و خدمه .
ب- ثمن ما يقدم لمدْعُويِّ النزيل من طعام و شراب ، أي لمن يدعوهم ( يعزمهم ) على طعام أو شراب .
ت- كل نفقة تتعلق بأشياء النزيل و حيواناته ، كأجرة كي ثيابه و غسـلها ، و أجرة إيواء سيارته في مرآب الفندق ، و ثمن ما يقدم لحيواناته من علف .
ث- جميع المبالغ التي يصرفها صاحب الفندق لحساب النزيل ، كما إذا دفع قيمة بضاعة اشتراها للنزيل بناء على طلبه ، و مثله ما لو اقترض النزيل مبلغاً من النقود من صاحب الفندق .
و اختلف الشراح في التعويض الذي يترتب على النزيل بسبب إتلافه بعض محتويات الفندق :
# فذهب البعض إلى أن الامتياز لا يضمنه ، لأن ذلك التعويض لا يدخل في المبالغ المستحقة في مقابل أجرة الإقامة و المؤونة ، و ما صرف لحساب النزيل .
# و ذهب البعض الآخر على أن الامتياز يضمنه .
يقع هذا الامتياز على الأمتعة أو الأشياء التي يحضرها النزيل و تابعوه ( كزوجه و أولاده و خدمه ) إلى الفندق ، أو إلى ملحقاته ، كالمرآب و الإسطبل .
و يدخل في الأمتعة جميع المنقولات المادية ، كالملابس القابلة للحجز ، و الحقائب ، و البضائع ، و السيارات و الخيول ...
و كذلك يدخل فيها النقود و المجوهرات و الأوراق المصرفية .
أما السندات التجارية و المنقولات غير المادية ، فلا تعد من قبيل الأمتعة , و لا يشملها امتياز صاحب الفندق .
ويلاحظ أن صاحب الفندق يعد حائزاً بالنسبة للمنقولات الموجودة في الفندق ، عملاً بالمادة 1112 / 2 ، و إذا كان حسن النية يمكنه التمسك بقاعدة الحيازة في المنقول سند الحائز .
و يترتب على ذلك ، أن امتياز صاحب الفندق يمتد إلى كل منقول يحضره النزيل و من معه إلى الفندق ، و لو كان غير مملوك له ، إذا كان صاحب الفندق يجهل ذلك .
أما إذا ثبت أنه كان يعلم بملكية الغير لهذه الأمتعة وقت إدخالها في الفندق ، فلا يكون له حق امتياز عليها .
كما لا يكون له حق امتياز على الأمتعة الموجودة لدى النزيل و تابعيه ، إذا كانت مسروقة أو ضائعة ، بل يكون لصاحبها حق استردادها خلال ثلاث سنوات من تاريخ الضياع أو السرقة ( م 928 ق.م ) .
و نشير أخيراً إلى أن وعاء الامتياز يتسع ليشمل الأشياء التي يأتي بها النزيل أثناء إقامته ، فهو غير مقصور على الأشياء التي يأتي بها النزيل في بدء إقامته .
إن امتياز صاحب الفندق ـ باعتباره قائماً على فكرة الرهن الضمني ـ يخول صاحبه حق حبس الأمتعة المثقلة بالامتياز ، و منع النزيل من نقلها ، ما دام لم يدفع التزاماته كاملة .
و في ذلك تقول المادة 1123 / 2 : «... و لصاحب الفندق أن يعارض في نقل الأمتعة من فندقه ما دام لم يستوفِ حقه كاملاً ... » .
و بالإضافة إلى ذلك ، فإن الامتياز يولي صاحبه مزيتي التقدم و التتبع :
فلصاحب الفندق أن يتقدم على غيره من الدائنين الذين يسبقهم في الرتبة في استيفاء حقه من الأمتعة المثقلة بالامتياز .
و له أن يتتبع المنقولات المثقلة بالامتياز .
إذا نقلت الأمتعة من الفندق ، بالرغم من احتجاج صاحبه أو دون علمه ، بقي الامتياز جاثماً عليها ، و كان لصاحب الفندق أن يتتبعها و يستردها ما لم تكن قد دخلت في حيازة شخص حسن النية ، إذ يكون للحائز في هذه الحالة أن يدفع بعدم سريان الامتياز في مواجهته ، استناداً إلى قاعدة الحيازة في المنقول سند الحائز .
و بذلك تقضي المادة 1123 / 2 بقولها : « ... فإذا نقلت الأمتعة دون معارضة صاحب الفندق ، أو دون علمه ، فإن حق الامتياز يبقى قائماً عليها ، دون إخلال بالحقوق التي كسبها الغير بحسن نية » .
و بهذا يفترق امتياز صاحب الفندق عن امتياز المؤجر ، ذلك لأن المؤجر يستطيع استرداد المنقولات حتى من الحائز حسن النية ، إذا حجزها حجزاً استحقاقياً خلال ثلاثين يوماً من تاريخ نقلها .
و يلاحظ أن صاحب الفندق ـ خلافاً للمؤجر ـ يستطيع تتبع الأمتعة المثقلة بالامتياز ، و لو كان ما بقي من هذه الأمتعة لديه كافياً لضمان الديون الممتازة .
إذاً : يختلف حق صاحب الفندق في التتبع عن حق المؤجر في التتبع من الناحيتين التاليتين :
أ ) ـ صاحب الفندق لا يستطيع استرداد المنقولات من الحائز حسن النية ،
# أما المؤجر فيستطيع استردادها من الحائز حسن النية ، إذا حجزها حجزاً استحقاقياً خلال ثلاثين يوماً من تاريخ نقلها .
ب ) ـ صاحب الفندق يستطيع تتبع الأموال المثقلة بالامتياز ، و لو كان ما بقي منها لديه كافياً لضمان حقه .
# أما المؤجر ، فلا يستطيع تتبع الأموال المثقلة بالامتياز ، إذا كان ما بقي منها في العين المؤجرة كافياً لضمان حقه .
اعتبرت المادة 1112 / 2 ق.م صاحب الفندق في حكم الحائز بالنسبة للأمتعة التي يودعها النزيل في فندقه .
فهو إذاً يحوز بحكم القانون ، و بصورة غير مباشرة ، الأمتعة التي يحضرها النزيل عنده .
وعلى ذلك ، إذا أخرجت الأمتعة من الفندق برضاء صاحبه ، أو بعلمه دون أن يبدي اعتراضاً ، فإن الامتياز ينقضي بالتخلي عن الحيازة . و هو انقضاء بات : بمعنى أن عودة النزيل بالأمتعة إلى الفندق مرة أخرى لا يبعث الحياة في الامتياز من جديد ، و يكون ضمان هذه الأمتعة العائدة مقصوراً على المبالغ المستحقة على النزيل بمناسبة إقامته الجديدة .
أما المبالغ المستحقة بمناسبة الإقامة السابقة فتغدو ديناً عادياً ، لأن الامتياز الضامن لها قد انقضى بخروج الأمتعة من الفندق برضاء صاحبه ، أو بعلمه دون اعتراض منه .
نصت الفقرة الثالثة من المادة 1123 على أنه :
« لامتياز صاحب الفندق نفس الرتبة التي لامتياز المؤجر » .
و قضت الفقرة الثانية من المادة 1110 بأنه :
« إذا كانت الحقوق الممتازة في رتبة واحدة ، فإنها تستوفى بنسبة قيمة كل منها ما لم يوجد نص يقضي بغير ذلك » .
و يستفاد مما تقدم ، أن امتياز صاحب الفندق يحظى بالمرتبة السادسة ، شأنه في ذلك شأن امتياز المؤجر .
و في حال تزاحم امتياز المؤجر و امتياز صاحب الفندق ، يتعين التعويل على المعيار النسـبي ، و هو يقضي باستيفاء هذه الحقوق بنسبة كل منها .
و على ذلك : إذا أخرج المستأجر بعض الأمتعة من العين المؤجرة دون علم المؤجر ، أو بالرغم من معارضته ، ثم نزل بها في فندق ، فالأصل أن أمتعة النزيل في هذه الحالة تكون محلاً لامتياز كل من المؤجر و صاحب الفندق ، و تستوفى حقوقهما بنسبة قيمة كل منهما .
أما إذا ثبت أن صاحب الفندق كان غير عالم حين دخول الأمتعة عنده بما للمؤجر من امتياز عليها ، ففي هذه الحالة لا يكون امتياز المؤجر نافذاً في حق صاحب الفندق حسن النية ، و من ثم يتقدم امتياز صاحب الفندق على امتياز المؤجر ، عملاً بالمادة 1112 ق .م .
و تستثنى من ذلك حالة ما إذا كان المؤجر قد أوقع الحجز الاستحقاقي على الأمتعة خلال ثلاثين يوماً من تاريخ نقلها ، إذ في تلك الحال يسري امتياز المؤجر على صاحب الفندق ، ولو كان حسن النية .
و إذا نقل النزيل أمتعته من الفندق دون رضاء صاحب الفندق ، و وضعها في عين اسـتأجرها ، فالأصل أن أمتعة النزيل تكون في هذه الحالة محلاً لامتياز كل من صاحب الفندق و المؤجر ، و يستوفى حقاهما بنسبة قيمة كل منهما ...
أما إذا كان المؤجر حسن النية ، أي يجهل عند دخول الأمتعة في العين خضوعها لامتياز صاحب الفندق ، كان امتيازه مقدماً ، لأن امتياز صاحب الفندق لا يسري في حقه ، عملاً بالمادة 1112 ق.م .
اكتب تعليق