النص القانوني :
نصت المادة 1119 من القانون المدني على أنه :
" 1- المبالغ التي صرفت في حفظ المنقول , وفيما يلزم له من ترميم , يكون لها امتياز عليه كله .
2- و تستوفى هذه المبالغ من ثمن هذا المنقول المثقل بحق الامتياز بعد المصروفات القضائية والمبالغ المستحقة للخزانة العامة مباشرة , أما فيما بينها فتستوفى بنسبة قيمة كل منها " .
بني امتياز مصروفات حفظ المنقول وترميمه على العدالة , حيث يتقدم الدائن الذي قام بحفظ المنقول أو قام بصيانته - وبالتالي حافظ على قيمته - على بقية الدائنين في استيفاء حقه من ثمن هذا المنقول .
الديون التي يضمنها امتياز مصروفات حفظ المنقول وترميمه هي المبالغ التي تم إنفاقها أو صرفها لحفظ المنقول من الهلاك , سواء أكان الهلاك كاملاً أو جزئياً .
كذلك يشمل الامتياز المصروفات أو قيمة العمل الذي أدى إلى جعل المنقول صالحاً للاستعمال , كأجرة مصلح السيارة , وأجرة مصلح الجهاز الكهربائي .
ويعد بمثابة حفظ الدين دفع التكاليف الضرورية لقطع تقادمه ومنع سقوطه .
و يثبت امتياز مصروفات حفظ المنقول وترميمه لمن أنفق مصروفات الحفظ والترميم بنفسه , ولمن قدمها لينفقها غيره , سواء أكان هذا الغير مالك المنقول ذاته أو شخصاً آخر .
ويكفي لثبوت امتياز مصروفات حفظ المنقول وترميمه أن تؤدي المصروفات التي تم إنفاقها إلى حفظ المنقول , دون أن تكون نية الدائن بها قد اتجهت إلى هذا الحفظ .
بمعنى آخر : لابد من وجود علاقة سببية بين إنفاق المصروفات وبين حفظ المنقول , وعلى الدائن إثبات هذه العلاقة .
وقاضي الموضوع هو من يقدر فيما إذا كانت هذه المصروفات قد أدت بالفعل إلى حفظ المنقول أو ترميمه .
لكن امتياز مصروفات حفظالمنقول وترميمه لا يسري سوى على أعمال الحفظ والترميم , وبالتالي يخرج عن هذا الامتياز ما يتم على المنقول من أعمال تحسين , أو إنفاق مصروفات نافعة كأجرة دهان السيارة , أو أجرة الخياط أو ما شابه ذلك .
ولا يشمل الامتياز أيضاً الرسوم الجمركية , ومبالغ التأمين التي تدفع عند هلاك المنقول , ولا يكون لها علاقة بحفظه أو بصيانته .
ولئن كانت نفقات التحسين والمصروفات النافعة لا يثبت للدائن بها امتياز حفظ المنقول وترميمه , فإن هذا الدائن يحق له حبسه إلى أن يدفع له دينه فيها .
ويعود للقاضي تحديد ما إذا كانت الأعمال التي تمت على المنقول هي من قبيل أعمال الحفظ والترميم أم من الأعمال النافعة .
وتثور المشكلة في هذا السياق حول مصروفات نقل المنقول , فهل يشملها امتياز حفظ المنقول وترميمه أم لا تكون مشمولة بالامتياز ؟
أغلبية الفقهاء تعتبر أن هذه المصروفات غير مشمولة بالامتياز , لأنها لا تحفظ المنقول من الهلاك .
لكن البعض الآخر من الفقهاء - وهو رأي المؤلف أيضاً - يعتبر أن المصروفات التي أنفقت في نقل المنقول يمكن أن توثق بالامتياز فيما إذا كان الهدف من نقل المنقول المحافظة عليه , كما في نقل البضائع من مركب يتعرض للغرق , وفي نقل البضائع من مخزن يتعرض للحريق .
وعاء امتياز مصروفات حفظ المنقول وترميمه هو المنقول ذاته التي دفعت المصروفات لأجل حفظه و ترميمه .
والمنقول محل الامتياز قد يكون منقولاً مادياً وهو الغالب , وقد يكون منقولاً معنوياً , كالدين الذي منع سقوطه بالتقادم .
ويقع الامتياز على كامل المنقول وليس على ما زاد فيه بسبب أعمال حفظه وترميمه فقط .
وليس من الضروري لثبوت الامتياز بقاء المنقول في حيازة الدائن , فقد ينتقل المنقول إلى يد صاحبه أو إلى يد شخص آخر , لأن هذا الامتياز مبني على حفظ المنقول وليس على فكرة الرهن الضمني فيه .
لكن يشترط لإعمال امتياز حفظ المنقول وترميمه أن يحافظ هذا المنقول على ذاتيته , فإذا تغيرت ذاتيته بحيث ضاعت معالمه الأساسية عندما تمت الأعمال عليه فإن الامتياز يزول .
كذلك يزول الامتياز إذا تحول المنقول إلى عقار بطبيعته , حيث أن عملية اندماجه بالعقار تؤدي إلى تغيير طبيعته بشكل كامل .
أما إذا أصبح المنقول محل الامتياز عقاراً بالتخصيص فلا يزول عندئذ الامتياز , وإنما يبقى قائماً , لأن المنقول لم تتغير ذاتيته وإنما بقي على حاله .
وتجدر الإشارة إلى أن امتياز مصروفات حفظ المنقول وترميمه لا يقع على العقار الذي تمت فيه أعمال الحفظ والترميم , حيث أن هذه الأعمال يضمنها امتياز عقاري خاص هو امتياز المقاولين و المهندسين المعماريين .
للدائن في امتياز مصروفات حفظ المنقول وترميمه الحق في استيفاء ديونه عن أعمال الحفظ والترميم بالتقدم من ثمن المنقول محل هذه الأعمال في أية يد ينتقل إليها المنقول .
وفي هذا المجال لا بد من التمييز بين بقاء المنقول في يد الدائن أو خروجه إلى يد حائز آخر :
# إذا كان المنقول محل الامتياز ما زال بيد الدائن نفسه فإنه , إضافة إلى الامتياز المقرر له , يتمتع بحق حبس المنقول إلى حين استيفاء حقه كاملاً . لكنه يفقد حق الحبس هذا إذا انتقل المنقول من يده إلى يد شخص آخر , سواء أكان هذا الانتقال برضائه أم لا .
# أما إذا انتقل المنقول من يد الدائن إلى يد حائز , غير المدين , وكان هذا الحائز حسن النية ولديه السبب الصحيح , فإن امتياز مصروفات حفظ المنقول وترميمه يزول هنا , تطبيقاً لقاعدة الحيازة في المنقول سند الحائز .
وهذه هي الحال بالنسبة للمنقول , الذي يكون محلاً لامتياز مصروفات حفظ المنقول وترميمه , الذي يضعه صاحبه في عقار استأجره , حيث أن المؤجر - وهو حائز للمنقول بمقتضى المادة 1112/2 من القانون المدني - يتقدم في استيفاء دينه في الأجرة من ثمن هذا المنقول على صاحب حق الامتياز عليه .
كذلك هي الحال بالنسبة للمنقول , الذي يكون محلاً لامتياز مصروفات حفظ المنقول وترميمه , الذي يضعه صاحبه بيد دائن مرتهن , فالدائن المرتهن إذا كان حسن النية لا يعلم بوجود الامتياز يتقدم في استيفاء دينه من ثمن هذا المنقول , باعتباره حائزاً له , على صاحب حق الامتياز عليه .
وهذه هي الحال أيضاً بالنسبة للمنقول , الذي يكون محلاً لامتياز مصروفات حفظ المنقول وترميمه , الذي يبيعه صاحبه , فالمشتري إذا كان حسن النية لا يعلم بوجود الامتياز يمكنه التمسك بقاعدة الحيازة في المنقول سند الحائز ويحتفظ بالتالي لنفسه بالمنقول .
بينما إذا كان المشتري سيئ النية , أي يعلم بوجود الامتياز الذي يثقل المنقول الذي اشتراه , فعندئذ لا يمكنه التمسك بالقاعدة المذكورة , ويجوز بالتالي للدائن بالامتياز أن ينفذ على المنقول ويستوفي دينه من ثمنه .
يحتل امتياز مصروفات حفظ المنقول وترميمه الرتبة الثالثة بعد امتياز المصروفات القضائية وامتياز المبالغ المستحقة للخزانة العامة .
وإذا تعددت مصروفات الحفظ والترميم وتزاحمت فيما بينها , تكون جميعها برتبة واحدة , وتستوفى بالتالي بنسبة قيمة كل منها بغض النظر عن تاريخ إنفاقها .
وفي هذا خلاف مع التشريع المصري في ذات الموضوع , حيث أنه في التشريع المصري إذا تعددت مصاريف حفظ المنقول وترميمه , يقدم منها ما كان متأخراً في الإنفاق على ما تم إنفاقه سابقاً .
اكتب تعليق