نقصد بالقوانين الدستورية أو التشريع الدستوري مجموعة النصوص القانونية التي تتميز عن التشريع العادي أو القوانين العادية من حيث القيمة القانونية فالقوانين الدستورية تعلو القوانين العادية مرتبة .
و هذه الأخيرة يجب أن لا تخالف الأولى تحت طائلة عدم الدستورية و تضمن القوانين الدستورية ( التشريع الدستوري ) وثيقة الدستور في دول الدساتير المدونة و القوانين الأساسية أو العضوية المكملة لوثيقة الدستور و هي التي تصدر عن المشرع العادي و تعالج موضوعات دستورية أو ما يتعلق بها .
إن وثيقة الدستور تعتبر المصدر الأول للدستور وفقاً للمعيار الموضوعي , حيث تتضمن عادة وكما ذكرنا سابقاً المبادئ و الأحكام الأساسية المتعلقة بنظام الحكم في الدولة , تلك التي تبين شكلها و نوع الحكم فيها و تنظيم السلطات العامة وكيفية ممارستها واختصاصاتها و العلاقات فيما بينها و حقوق و واجبات المواطنين في مواجهة الدولة إضافة للمبادئ المحددة للاتجاهات الاقتصادية و الأساسية و الاجتماعية للدولة .
توضع هذه الوثيقة عادة من هيئة أو سلطة خاصة تختلف من دولة إلى أخرى كما سنرى لاحقاً غير السلطة أو الهيئة المكلفة بوضع القوانين العادية ووفقاً لإجراءات مختلفة عن الإجراءات المتبعة في إجراء القوانين العادية , وأضاف الدكتور إبراهيم هندي قائلاً : أن للوثيقة الدستورية أشكال عدة و لها طرق لانتهائها و تعديلها كما سنرى لاحقاً .
-يقصد بالقوانين الأساسية أو التنظيمية أو العضوية إذا أخذنا بالترجمة الحرفية للتعبير الفرنسي la loi Organique مجموعة القوانين الصادرة عن السلطة التشريعية – إما بتكليف من المشرع الدستوري (بنص الوثيقة الدستورية ) أو حتى من تلقاء نفسه وهي التي تتعلق بتنظيم السلطات العامة في الدولة, أي تتعلق بموضوعات دستورية بحكم طبيعتها أو جوهرها كما حددناه سابقاً .
ملاحظة : القوانين الأساسية تلك التي تصدرها السلطة التشريعية ( المؤسَّسسة ) .
- أما القوانين الدستورية فتصدر عن السلطة التأسيسية ( المؤسِّسة ) .
- مثال القوانين الأساسية في سوريا قانون تنظيم الانتخاب و قانون التقسيمات الإدارية
( أي تقسيم المحافظات ) و قانون السلطة القضائية .
1- فالقوانين الأساسية يمكن أن تصدر من المشرع العادي بتكليف من المشرع الدستوري .
فصدور مثل هذا النوع من القوانين يكون بتكليف من المشرع الدستوري و ذلك عن طريق الإحالة بنصوص الوثيقة الدستورية في عدد من الموضوعات المتعلقة بتنظيم السلطات العامة .
ففي فرنسا مثلاً أحال الدستور الحالي لعام 1958 م ست عشر مرة إلى المشرع العادي إقرار قوانين أساسية كالمادة (6 ) المتعلقة بانتخاب رئيس الجمهورية و المادة ( 13 ) المتعلقة بالوظائف التي تملأ بقرار في مجلس الوزراء ....إلخ .
2- و يمكن أن تصدر القوانين الأساسية عن المشرع العادي من تلقاء نفسه .
فصدور هذا النوع من القوانين لا يكون بتكليف من المشرع الدستوري و ذلك لعدم النص عليها بوثيقة الدستور و لكنها تأتي لتنظيم عدد من الموضوعات المتعلقة بتنظيم السلطات العامة وهذا ما نجده غالباً في الدول ذات الدساتير المرنة أو ذات الدساتير العرفية , كما سنرى لاحقاً .
و لكن السؤال الذي يطرح نفسه في هذا المجال هو التالي :
- ما هي القيمة القانونية للقوانين الأساسية و ما هي مرتبة القوانين الأساسية بين مصادر القواعد الدستورية ؟
ففي الدول ذات الدساتير المرنة أو العرفية إن الوثيقة الدستورية يمكن تعديلها غالباً بنفس طريقة تعديل القوانين العادية . فإن السؤال لا معنى له سواء كان صدور هذه القوانين من المشرع العادي بناء على تكليف من المشرع الدستوري أم من تلقاء نفسه , لأنها تحتل نفس القوة القانونية للوثيقة الدستورية و بالتالي تعتبر معدلة أو مكملة لها .
إذاً في الدول ذات الدساتير المرنة تأخذ القوانين الأساسية نفس مرتبة القوانين الدستورية أما في الدول ذات الدساتير الجامدة و هنا توجد المشكلة على حد تعبير الدكتور إبراهيم هندي , حيث يتطلب تعديل الدستور إجراءات خاصة مختلفة عن تلك المقررة لإقرار القوانين العادية فتأخذ من حيث المبدأ نفس القيمة القانونية للقوانين العادية رغم تضمنها موضوعات تعتبر بحسب طبيعتها دستورية و بالتالي لا يجوز أن تتضمن أحكاماً مخالفة لوثيقة الدستور سواء صدرت بناء على إحالة منها أم أصدرها المشرع العادي من تلقاء نفسه .
وهذا ما هو عليه الوضع في مصر و لبنان و ما يجب أن يكون عليه الوضع في سورية
( إذاً في الدول ذات الدساتير الجامدة تأخذ القوانين الأساسية نفس قيمة القوانين العادية ) .
أما في فرنسا فالوضع مختلف . فتحتل القوانين الأساسية التي ترك أمر إصدارها للمشرع العادي بناء على إحالة من نصوص الدستور 1958 و المشار إليها في المثال السابق فإنها تأخذ مرتبة وسطى من حيث القيمة القانونية للقوانين العادية و دستور 1958 م و ذلك لأن المادة
( 46 ) من هذا الدستور أقرت إجراءات خاصة لإقرار القوانين الأساسية مما جعلت منها فئة قانونية خاصة , حيث نصت على ما يلي : لا يخضع القانون للدراسة من قبل المجلس الأول إلا بعد انقضاء 15 يوماً على إيداعه في حال عدم الاتفاق بين المجلسين لا يمكن للجمعية الوطنية إقرار النص في قراءة نهائية إلا بأغلبية مطلقة و إذا تعلق الأمر بقانون تنظيمي متعلق بمجلس الشيوخ فإنه يجب أن يصوت عليه المجلسان في الآجال عينها كذلك أضافت أنه لا يمكن إصدار قانون تنظيمي إلا بعد أن يعلن المجلس الدستوري توافقه مع الدستور ) .
فالنتيجة في فرنسا لترتيب القوانين هي حسب الآتي :
أولاً : القانون الدستوري .
ثانياً : القانون الأساسي .
ثالثاً : القانون العادي .
اكتب تعليق