العرف الدستوري عادة درجت عليها هيئة حاكمة في موضوع ذي طبيعة دستورية و استقرت قي ضمير الجماعة كقاعدة ملزمة نستنتج بأن العرف الدستوري ركنان :
الركن الأول : مادي .
الركن الثاني : معنوي .
يقصد بالركن أو العنصر المادي للعرف التصرف الايجابي أو السلبي لإحدى الهيئات الحاكمة بصورة مطردة و ثابتة و واضحة في شان من الشؤون ذات الطبيعة الدستورية
( حيث لا يشترط أن يكون التصرف إيجابياًُ صادراً عن الهيئة الحاكمة فقد يكون عملاً سلبياً بامتناع هذه السلطات عن استعمال حق من الحقوق الدستورية شريطة أن تكون هذه العادة مخالفة لنص ورد في وثيقة الدستور ) .
و يشمل الركن المادي على :
ذهب أغلب الفقهاء إلى القول إن العادة لا تنشأ من مجرد تصرف أو إجراء وحيد , إذ يلزم أن يتوافر تكرار هذا التصرف أو الإجراء حتى يعتبر دليلاً على دخول هذه العادة في ضمير الجماعة وتصبح بالنسبة لهم قاعدة دستورية ملزمة واجبة الاحترام بينما ذهب قلة من الفقهاء إلى عدم ضرورة تكرار التصرف أو الإجراء لشؤون العرف الدستوري فالعرف الدستوري يمكن أن ينشأ بمجرد حدوث التصرف أو الإجراء مرة واحدة إذا كان يعبر عن ضمير الجماعة و قد لا ينشأ رغم تكرار التصرف أو الإجراء و في الواقع لا يمكن القبول برأي الفئة القليلة من الفقهاء فالتكرار عنصر هام في نشوء الأعراف الدستورية لا يكفي حدوث التكرار لمرة واحدة حتى يعبر عن ضمير الجماعة .
يشترط في التصرف أو الإجراء الصادر من إحدى الهيئات الحاكمة و الذي تحول إلى عادة أن يكون هذا التصرف أو الإجراء عاماً , أي يجب أن تلتزم به بقية الهيئات الحاكمة دون اعتراض من قبلها بمعنى غير منازع فيه .
و إذا كان جانب من الفقه يكتفي بعدم اعتراض بقية الهيئات الحاكمة على الإجراء أو التصرف فإن قسماً آخر يشترط إضافة لذلك عدم اعتراض أفراد الجماعة شانه شأن اعتراض إحدى الهيئات الحاكمة يشكل مانعا من نشوء العرف الدستوري .
و هذا ما نؤيده نحن لأن العرف الدستوري كما قلنا يقوم على أساس الضمير العام للجماعة و قبوله لهذا العرف كقاعدة دستورية ملزمة و لا شك أن تعبير الجماعة لا يقتصر على الهيئات الحاكمة و الحكام فحسب بل يتضمن الأفراد أو المحكومين .
هذا الشرط في الحقيقة ملازم لشرط التكرار إذ ينبغي أن يتكرر التصرف أو الإجراء بشكل ثابت و مطرد أي بدون انقطاع أي يجب أن يكون التصرف أو الإجراء من قبل الهيئة الحاكمة مستمر و منتظماً و لا تلجأ إليه بشكل متذبذب : أي يجب أن يشكل عادة ثابتة و مستقرة .
يجب أن تكون العادة التي درجت عليها الهيئة الحاكمة على قدر من الوضوح بحيث لا تكون عرضة إلى تفسيرات مختلفة توقعنا في الاضطراب .
هذا الشرط مرتبط بعنصر الثبات و الاطراد إذ يجب حتى تصبح العادة عرفاً أن يتواتر العمل بها مدة طويلة تدل عل ثباتها و استقرارها و لكن من الصعوبة بمكان تحديد هذه المدة فلكل حالة ظروفها الخاصة : فهناك أعراف دستورية تكونت بإتباعها مدة تقارب القرن أو تزيد. و هناك أعراف تشكلت في غضون عشر سنوات أو أقل .
إضافة إلى الركن المادي الذي يكون العادة أو الاعتياد يجب توافر صفة الإلزام لهذه العادة وهي التي تشكل الركن المعنوي و الركن المعنوي يعني بأنه يتوجب أن يستقر في ضمير الجماعة الشعور بان هذه العادة ملزمة و واجبة الإتباع فإذا كان الاعتياد يتشكل من خلال تكرار و اضطراد إحدى الهيئات الحاكمة على تصرفه أو إجراء معين فإن الركن المعنوي يتشكل من خلال اقتناع بقية الهيئات الحاكمة و الأفراد على حد سواء بإلزامية هذه القاعدة .
اكتب تعليق