عدم الانتفاع المجاني بالمال المرهون - التزامات الدائن المرتهن في عقد الرهن الحيازي

- شروط انتفاع الدائن المرتهن بالمال المرهون :

في حالة المرهون المنقول لا يجوز للدائن المرتهن الانتفاع به إلا إذا رخص له المدين الراهن بذلك , وتخصم قيمة النفع عندئذ من مقدار النفقات المترتبة له , ثم من رأس المال . 
حيث تعد يد الدائن المرتهن على المال المرهون يد وديعة , فلا يجوز له أن يستعمل هذا المال في سبيل منفعته إلا إذا أجاز له الراهن ذلك . 
أما في حالة العقار المرهون فقد سمح المشرع للدائن المرتهن الانتفاع مجاناً بالعقار المرهون إذا رضي المدين الراهن بذلك , لكن هذا السماح يجب أن يقتصر على الانتفاع دون الاستغلال . وعلى هذا جرت محكمة النقض. 
ويحق للدائن المرتهن الذي لم يتسلم العقار المرهون أن يطالب بأجرته في حدود الفوائد القانونية التي تستحق له . وعلى هذا قضت محكمة النقض . 
لكن قيام عقد الرهن الحيازي العقاري لا يتحول مع ذلك إلى عقد إيجار . وعلى هذا جرت محكمة النقض . 
ومع ذلك , فإن إباحة الانتفاع بالعقار المرهون يجب أن تبقى محصورة في حدود الفائدة القانونية المسموح بها , وما يزيد عن ذلك يخصم من رأس المال . وعلى هذا استقر اجتهاد محكمة النقض السورية , التي تعتبر أنه في حالة تجاوز المنفعة الفوائد القانونية ينقلب عقد الرهن إلى عقد مراباة مستتر يتصادم مع النظام العام . 
وقد أكدت محكمة النقض على مقدار الفوائد التي يحق للدائن المرتهن تقاضيها بموجب عقد الرهن الحيازي , فقضت بأنه " لا يجوز للمرتهن أن يستفيد من المال المرهون بما يزيد على الحد الأقصى للفائدة القانونية البالغ 9% من بدل الرهن , وما يزيد يصبح من حق الراهنين كفائض عن ريع الأراضي المرهونة " . 
وتجدر الإشارة إلى أن انتفاع الدائن المرتهن بالمال المرهون - عقاراً كان أم منقولاً - يشترط فيه قيام الرهن الحيازي , فإذا زال الرهن زال معه حق الانتفاع . وهذا ما تراه محكمة النقض السورية . 


ـ المقاصة بين غلة المرهون و الالتزام المضمون : 

يستثمر المرتهن المرهون لحساب الراهن ، و على ذلك فإن الغلة التي يجنيها هي أصلاً ملك للراهن ، و لا يلزم المرتهن بتسليم الراهن هذه الغلة ، و إنما هو ملزم بخصم قيمتها .
ومن ثم يغدو المرتهن دائناً ومديناً في آن واحد : فهو مدين بالغلة ، ودائن بالالتزام المضمون . 
و تحصل المقاصة بين الدينين ، فتطرح قيمة الغلة من الالتزام المضمون . 
و المقصود بالغلة التي تطرح من الالتزام المضمون هو صافيها بعد اقتطاع مصروفات الحصول عليها . 
و يلاحظ أن هذه المقاصة تنطوي على خروج عن القاعدة العامة في المقاصة ، التي تقضي بأن المقاصة لا تقع إلا بين دينين حالّين ، إذ أن قيمة ما يفيد به المرتهن من المرهون تطرح من المبلغ المضمون بالرهن ، و لو قبل حلول أجله . 
و إذا كان المرتهن يستعمل المرهون بنفسه ، كما لو كان داراً فسكنها ، فيجب تقدير قيمة الفائدة العائدة على المرتهن . و يعمد القاضي عند اللزوم إلى الاستعانة بخبير لهذا الغرض . 
و يقرر المشرع ترتبياً خاصاً في طرح صافي الغلة في الفقرة الثانية من المادة 1036 في صدد رهن المنقول ، إذ ينص على ما يلي : 
 « يخصم الدائن قيمة الدخل الصافي أولاً من مقدار الفوائد و النفقات المترتبة له ، ثم من رأس المال ، ما لم يتفق على غير ذلك » . 
و قد أورد المشرع نفس المعنى في صدد رهن العقار في الفقرة الثانية من المدة 1065 التي 
تقول :« و تحسم هذه الثمار من الدين المضمون حتى قبل استحقاقه ، محسوبة أولاً على الفائدة و النفقات ، ثم على رأس المال » . 
إذاً : يطرح صافي الغلة من : 
1 ـ الفوائد أولاً ،
2 ـ ثم النفقات ثانياً ،
3 ـ ثم رأس المال ثالثاً .
هذا هو الأصل في رهن المنقول و العقار الحيازي بشكل عام ، و لكن خرج المشرع على هذا الترتيب في رهن الدين ، حيث قدم النفقات على الفوائد ( و لم نكتشف العلة من ذلك حتى الآن ) ، و ذلك في المادة 1048 / 1 التي تقول : 
« من ارتهن ديناً يلزمه أن يستوفي الفوائد و سائر التكاليف المؤقتة التي تختص بهذا الدين و تستحق أثناء مدة الرهن ، على أن تخصم أولاً من النفقات ، ثم من الفوائد ، ثم من رأس مال الدين المؤمن عليه » . 
وفي كل الأحوال لا يجوز أن تتجاوز قيمة المنفعة , التي يحصل عليها الدائن المرتهن من العقار المرهون , قيمة الدين المضمون بالرهن الحيازي . وقد قضت محكمة النقض بهذا .


- اتفاق الطرفين على منح الدائن المرتهن غلة المال المرهون مقابل فوائد دينه :

يجوز أن يتفق الدائن المرتهن والمدين الراهن على أن يحصل الدائن المرتهن على غلة المال المرهون مقابل الفوائد التي تستحق له , و يعتبر هذا الاتفاق نافذاً في حدود أقصى ما يسمح به القانون من الفوائد الاتفاقية , أي بمعدل 9% سنوياً , و باطلاً فيما تجاوزها . 
وفي اجتهادات قديمة كانت محكمة النقض قد ذهبت إلى السماح للدائن المرتهن بالانتفاع المجاني من العقار المرهون و لو كان ريع هذا العقار أكثر من الفائدة القانونية , ثم عدلت محكمة النقض عن رأيها القديم و قضت بأنه لا يجوز أن تتجاوز منفعة الدائن المرتهن من غلة العقار المرهون الحدود القانونية للفائدة . 


- إيجار العقار المرهون للراهن و إعارته له :

الأصل أن رجوع المال المرهون للمدين الراهن باختيار الدائن المرتهن يؤدي إلى إنهاء الرهن الحيازي وعدم سريانه في مواجهة الغير , بغض النظر عن سبب الرجوع .
 لكن القانون استثنى من هذا الأصل حالة ما إذا كان المال المرهون عقاراً وأجره الدائن المرتهن للراهن أو أعاره إياه , حيث يبقى الرهن الحيازي قائماً ونافذا في مواجهة الغير . 
 ويعود السبب الأساسي في هذا الاستثناء إلى أن استغلال العقار المرهون واستثماره بالشكل الأفضل قد يكون متعذراً من قبل شخص آخر غير صاحبه , وخاصة في المناطق الريفية والزراعية , و في هذا إضرار بكل من الدائن المرتهن والمدين الراهن في آن معاً . 
 وإذا تم الاتفاق على إيجار العقار المرهون للمدين الراهن في عقد الرهن الحيازي ذاته , فيجب ذكر ذلك في ذات القيد الذي يتم في السجل العقاري .
أما إذا اتفق على الإيجار بعد قيام الرهن الحيازي , فيجب أن يؤشر بذلك في هامش القيد , و يفيد هذا التأشير في إعلام الغير بأن العقار المرهون موجود في يد المدين الراهن بصفته مستأجراً . 
 أما المرهون المنقول فلا يجوز إيجاره أو إعارته إلى المدين الراهن , تحت طائلة زوال الرهن الحيازي وعدم سريانه في مواجهة الغير . وكان حرياً بالمشرع السوري أن يأخذ بما جاء في التشريع الفرنسي بهذا الخصوص الذي سمح بإعادة المنقول المرهون إلى المدين الراهن لفترة قصيرة , كلما دعت الحاجة إلى ذلك , كما في حضور جلسة الشركة , فلا بد من وجود السند المرهون مع صاحبه المساهم في الشركة . 

  • عدد المشاهدات : 11380

المقالات المتعلقة

امتياز الإجراء والعمال حسب القانون المدني

امتياز الإجراء والعمال حسب القانون المدني

حقوق العمال والموظفين تجاه رب العمل ..
مزية التتبع في حقوق الامتياز

مزية التتبع في حقوق الامتياز

ميزة التتبع والتقدم في القانون المدني ..


اكتب تعليق

جميع حقوق النشر محفوظة 2024
Created by: Turn Point