نتساءل هنا عن مدى إمكان انقضاء الرهن اســتقلالاً بالتقادم ، أي سقوطه دون سقوط الدين؟
و ظاهر أن هذا التساؤل لا يثور إلا بالنسبة للرهون التي تجري على العقارات الواقعة في المناطق التي لم تجرِ فيها عمليات التحديد و التحرير .لإمكان تصور انفصال التأمين العقاري عن الدين المضمون وبالتالي انقضاءه بالتقادم بحالة انتقال العقار المرهون غير المحدد والمحرر لحائز جديد .
أما الرهون التي تثقل العقارات الواقعة في المناطق المحددة و المحررة ، و المقيدة في السجل
العقاري ، فإنها لا تنقضي بالتقادم ، لأن التقادم لا يسري على الحقوق المقيدة في السجل العقاري .
و مادام العقار المرهون في يد الراهن ، فإن الرهن لا ينقضي بالتقادم إلا تبعاً لتقادم الدين المضمون ، و ذلك لأن الراهن قد التزم ببقاء الرهن على عقاره لحين الوفاء بالدين بكامله .
أما إذا انتقل العقار المرهون إلى يد حائز ، و كان هذا العقار واقعاً في منطقة غير محددة و محررة ، فإنه من الممكن تصور انفصال الرهن عن الدين من حيث انقضاؤه بالتقادم .
ويمكن القول بأن القواعد العامة تأبى سقوط الرهن بالتقادم بصورة مستقلة عن الدين ، ذلك لأن للدائن المرتهن حقاً مضموناً ، يخوله استيفاء دينه بالأولوية على الدائنين الآخرين من ثمن العقار في أي يد يكون ، و هذا الحق لا يؤثر فيه انتقال ملكية العقار المرهون من المدين إلى غيره .
وعلى ذلك فليس لمن كسب ملكية العقار بالتقادم أن يتحلل من حق الدائن المرتهن في تتبع العقار بين يديه .
ثم إن المشرع السوري فرق بين أحكام الحيازة بالنسبة للمنقول ، و أحكام الحيازة بالنسبة للعقار ، و قرر أن :
# الحيازة في المنقول ذات أثرين : أثر مكسب للملكية ، و أثر مسقط للتكليف .
# أما الحيازة في العقار فأثرها محدود : فهي تكسب الملكية ، ولكنها لا تسقط التكليف .
إذاً : الرهن التأميني لا ينقضي بالتقادم بصفة مستقلة طالما كان مسجلاً في السجل العقاري ، ولكن إذا سقط الدين بالتقادم فيسقط معه الرهن بصورة تبعية .
أي :الرهن التأميني لا ينقضي استقلالاً بالتقادم ، و لكن ينقضي تبعاً لانقضاء الالتزام الأصلي بالتقادم .
ملاحظة : انعقد إجماع الشُراح في مصر على أن الرهن التأميني لا ينقضي بالتقادم استقلالاً . أما في العراق فقد نص المشرع على انقضاء الرهن التأميني استقلالاً بالتقادم ، و ينتقد الشراح في العراق مسلك القانون المدني العراقي في هذا الصدد.
اكتب تعليق