حيث يمارس الدائن بعض حقوق مدينه عند إهماله استعمالها , و ذلك فيما لو كان هذا الإهمال يؤدي إلى إعساره أو الزيادة في إعساره .
ومع ذلك فإن القائدة التي قد تعد نتيجة لهذه الدعوى لا يستفيد منها الدائن الذي أقامها فحسب , و إنما يستفيد منها الدائنون الآخرون , حيث أن المال الذي تم تحصيله من قبل المدين يعود ليدخل في الذمة المالية لهذا الأخير , وبالتالي يعود ليكون جزءاً من الضمان العام المقرر لجميع دائنيه .
هذه الدعوى تحمي الدائنين من تصرفات مدينهم التي تؤدي إلى الإضرار بحقوقهم . أي فيما لو أدى تصرف المدين إلى إعساره أو الزيادة في إعساره . كما هي الحال في طلب عدم نفاذ بيع أحد أموال المدين مع مشتر سيئ النية , أي عالم بحالة إعسار المدين .
وترفع الدعوى البوليصة باسم الدائن شخصياً و ليس باسم مدينه , ليطالب فيها بإبطال التصرف الذي قام به هذا المدين .
لكن يشترط لإقامتها أن يكون الدين مستحق الأداء بتاريخ الادعاء و ليس قبل ذلك .
و من الضروري أن ترفع الدعوى على كل من المدين المتصرف و المتصرف إليه .
ومن المؤكد أن الدائن يستفيد من هذه الدعوى في التنفيذ على العقار الذي لم ينفذ التصرف فيه و يمنحه أفضلية معينة .
لكن حق الدائن هنا لا يعني تخصصه بأي امتياز , بل تعود الفائدة الحقيقية من هذه الدعوى على الدائن الذي أقامها وعلى مجموع الدائنين الآخرين , حيث يعود المال الذي تصرف به المدين إلى ذمته المالية , و بالتالي يعود ليشكل جزءاً من الضمان العام المقرر لكافة الدائنين .
وقد أخذ المشرع المصري بذات الاتجاه . بينما الدعوى البوليصية في التشريعين الفرنسي و اللبناني تكون الفائدة منها لصالح من يرفعها فقط , و يبقى التصرف سارياً في حق من لم يشارك فيها .
تقام دعوى الصورية عندما يتصرف المدين تصرفاً لا يتفق مع واقع الأمر , كما لو قام ببيع صوري لأحد أمواله .
حيث يتمسك الدائن بعدم وجود البيع و يستفيد من ورقة الضد التي يخفيها المدين مع الطرف الآخر في التصرف , و من ثم يعود المال المتصرف فيه إلى ذمة المدين و يخضع بالتالي لحق الضمان العام .
و يمكن للدائن أن يثبت التصرف الصوري بكافة الوسائل .
لكن لا يجوز لأحد الطرفين في العقد الصوري إثباته بكافة الوسائل إلا إذا كان العقد مخالفاً للنظام العام أو الآداب العامة .
و يشترط لإقامة دعوى الصورية أن يكون الدائن حسن النية .
وهذه الدعوى أيضاً تؤدي إلى استفادة جميع الدائنين من نتائجها , وليس فقط الدائن الذي أقامها .
ولا تسقط دعوى الصورية بالتقادم الثلاثي كما هي عليه الحال بالنسبة للدعوى البوليصية , و إنما تسقط بالتقادم الطويل .
حيث يمكن للدائن أن يقوم ببعض الأعمال و منها :
أ- المعارضة في القسمة العينية للمال الشائع أو ببيعه بالمزاد العلني بدون تدخله عندما يكون مدينه شريكاً في هذا المال .
ب- استيفاء حقه في تركة مدينه قبل غيره من أصحاب الحقوق , فالقاعدة أنه لا تركة قبل سداد الديون . و يمكنه أن يطلب من القاضي تعيين مصف لتركة مدينه .
ج- إيقاع الحجز الاحتياطي على أموال مدينه المنقولة و غير المنقولة . و له أيضاً أن يطلب الحجز الاحتياطي على أموال مدينه إذا ما اعتراه سفه أو مسته غفلة .
ولا بد من تسجيل إشارة الحجز الاحتياطي في السجل العقاري على عقارات المدين , ثم تسجيل إشارة الدعوى المتعقلة بطلب الدين . فإذا صدر حكم ينسحب أثره إلى إشارة الدعوى و ليس إلى إشارة الحجز الاحتياطي .
د- إجراء المقاصة القانونية لاستيفاء دينه مما يتوجب عليه لصالح مدينه :
وفي هذا فإن المقاصة القانونية تعتبر بمثابة أداة ضمان , مثل الحق في الحبس تماماً .
حيث يمنع المدين من التصرف في أمواله المنقولة و غير المنقولة بمجرد تسجيل استدعاء دعوى الإعسار .
ولا يلزم الدائنون في هذه الحالة بإثبات حالة الغش في تصرف مدينهم , على عكس ما هي عليه الحال في الدعوى البوليصية , لأن مجرد تسجيل دعوى الإعسار يكفي لمنع المدين من التصرف بأمواله .
حيث للدائن المطالبة بحق لمدينه على الغير , فيسدد هذا الغير الحق للدائن مباشرة دون المرور بذمة المدين .
هذه الدعوى التي يرفعها الدائن باسمه مباشرة على مدين مدينه تعود بالفائدة عليه وحده , و لا يستفيد منها غيره من الدائنين .
وبذلك يتمتع صاحب الدعوى المباشرة بنوع من الامتياز على أموال مدينه إلى درجة اعتقد البعض أنها تمثل نوعاً من الضمان أو التأمين .
لكن حالات الدعوى المباشرة محددة وقليلة في القانون السوري , و من أهمها :
أ- الدعوى التي يقيمها المؤجر على المستأجر الثانوي .
ب- الدعوى التي يقيمها المقاول الثانوي على صاحب العمل .
ج- الدعوى التي يقيمها الموكل و نائب الوكيل على بعضهما البعض .
د- الدعوى التي يقيمها صاحب المواد التي استخدمها الغير للبناء على أرض لا يملكها على صاحب هذه الأرض .
كحق البائع مثلاً في حبس المبيع عنده حتى يستوفي الثمن المـستحق .
ويلتقي هذا الحق مع التأمينات العينية من حيث كونه يرد على شيء معين بذاته ، ويضع الدائن في مركز يفضل به على سائر الدائنين من ناحية واقعية ، هذا إلى أن للحابس أن يتتبع الشيء إذا أخرج من يديه خفية أو بالرغم من معارضته .
ولكن الحق في الحبس يفترق عن التأمينات العينية من حيث كونه لا يخول الدائن أفضلية بالمعنى الفني ، فمجرد الحق في حبس شيء لا يثبت حق امتياز عليه .
اكتب تعليق